الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 20 إبريل 2002 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
السجود الحقيقي
تأتي ساعة وهي الآن حين الساجدون الحقيقيون يسجدون للآب بالروح والحق. لأن الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له ( يو 4: 23 )
السجود عبارة عن الكرامة والتعبد لله من أجل مَنْ هو في ذاته، ومَنْ هو للساجدين. إن السجود هو خدمة السماء وشغلها الشاغل، وهو أيضاً امتياز ثمين لنا ونحن على هذه الأرض.

فترديد أي عمل لله من نحو الإنسان لا يُعتبر سجوداً، ولا الشهادة عن نعمته، ولا الكرازة لغير المؤمنين. ومع أن الكرازة تولّد سجوداً لأن معرفة الله بالنعمة تشد أوتار القلب وتوقظ روح التعبد، غير أن الكرازة شيء والسجود شيء آخر. وإننا كلما تمتعنا بروح السجود وتعمقنا في هذا التمتع صرنا أهلاً لتقديم الشهادة للغير، لأن دالة الشركة مع الله تؤهلنا للقيام بشهادة تتناسب مع محبته.

وإن كانت الكرازة لا تُعتبر سجوداً، غير أن هذا لا يحط من قدرها ولا يبخسها قيمتها ـ إذ لولا التبشير ما كان للسجود المسيحي وجود، لأنه هو الذي يعلن الله الجدير بالسجود. والروح القدس يجعل النفس في حالة تمكنها من تأديته على الوجه الحقيقي، فتؤدى النفس سجوداً بالروح والحق ـ ولكني لا زلت أقرر أن التبشير لا يعتبر سجوداً. فإلقاء موعظة ما ليس هو السجود، وإن كان سبباً في إصداره من القلوب.

ثم إن تقديم الصلوات لله للظفر بأعوازنا وقضاء حوائجنا ليس من السجود في شيء، وإن كان مرتبطاً به أيضاً، ومع أنه يفرض في الشخص معرفة الله والثقة فيه والاتكال عليه، لكن الابتهالات الصاعدة لله والتضرعات المُقدمة له، ليس لها المميزات الخاصة بالسجود نفسه.

ولكن السجود إنما هو تقديم الحمد والسبح لله، والتغني بذكر ألقابه ونسبتنا إليه، واللهج في أعماله سواء كانت أعمال القوة أو النعمة، والإشادة بهذه ونحن في موقف وحالة التعبد والخشوع، فندنو منه موجهين أنفسنا بجملتها نحوه، ويأخذ القلب في حصر كل التسابيح فيه والحمد في شخصه. لأنه ما أحلى وما أجمل أن يردد الواحد منا في مسامع الآخر فضائل وكمالات مَنْ نحبه. ولكن لذة الساجدين العُظمى هي أن يصبح الله محور أفكارهم وجلّ فرحهم وأن يخاطبوه ويناجوه ويتحادثوا معه شخصياً ويكشفوا قلوبهم له مُخبرين إياه أنهم يحبونه. وسرور فادينا ولذته أن يرى المُناجاة دائرة بيننا وبين الله شخصياً ـ بعدئذ تشرع النفوس أن تشهد عن عظمته التي شعرت بها وإحسانه التي ارتشفت من منهله واغترفت من ينابيعه.

داربي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net