الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 25 أغسطس 2002 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الغني الذي افتقر
فلما رأى تلاميذه ذلك اغتاظوا قائلين لماذا هذا الإتلاف. لأنه كان يمكن أن يُباع هذا الطيب بكثير ويُعطى للفقراء(متى26: 8،9)
يا لغباء القلب البشري! لماذا يعترضون على ما أظهرته المرأة من محبة قلبية للرب؟ ولنتكلم بحذر فنقول: هل عاش المسيح حياة أنانية على الأرض؟ هل كان من عادته ـ له المجد ـ أن يهمل حاجات الفقراء حتى أن التلاميذ يضنون عليه بهذه الهدية؟ لقد كانت حياة الرب كلها مكرسة للمساكين، وها هو مزمع أن يقدم نفسه للموت بعد ساعات قليلة لأجلهم. وإذا بالتلاميذ يبحثون قضية الفقراء بهذه الصورة المؤلمة، كأن المسيح يحتاج إلى مَنْ يذكّره بها.

وكم كانت إجابة الرب لهم جميلة! فهو يعرّفهم أنه حقاً يؤيد مطالب الفقراء، وذكّرهم بأنهم سيجدون معهم في كل حين أُناساً محتاجين، وأنهم يستطيعون أن يعملوا بهم خيراً ويخدموهم كلما أمكن لهم ذلك ( مر 14: 7 ).

ولكن عيونهم لم تستطع أن ترى أنه هو نفسه كان في وسطهم فقيراً مُخلياً نفسه من المجد. وأن الشخص الذي هو "صورة الله" قد "أخلى نفسه، آخذاً صورة عبد، صائراً في شبه الناس" ( في 2: 6 -8). "فإنكم تعرفون نعمة ربنا يسوع المسيح، أنه من أجلكم افتقر وهو غني، لكي تستغنوا أنتم بفقره" ( 2كو 8: 9 ).

ولو كانت عيون إيمان التلاميذ مفتوحة لأدركوا أن هذا الذي في وسطهم والذي يوجهون إليه الكلام بجهل، كان أفقر الجميع، ليس فقط لأنه لم يكن لديه ما يملكه، ولكن بسبب غنى السماء ومجدها الذي وضعه جانباً لكي يصير إنساناً هنا على الأرض. ومَنْ يستطيع أن يقيس مدى الغنى الذي يخص الرب كخالق كل الأشياء، ومدى العظمة التي تخلّى عنها؟

إن هذا الذي هو ابن الله منذ الأزل، وصار بالنعمة ابن الإنسان، كانت "للثعالب أوجرة ولطيور السماء أوكار. وأما ابن الإنسان فليس له أين يسند رأسه" ( مت 8: 20 ). وعندما احتاج إلى قطعة نقود ليقدمها عن نفسه وعن تلميذه، اعتمد في هذا على سمكة ( مت 17: 27 ). وعندما أراد حجرة في أورشليم ليصنع فيها الفصح، استخدم عُليَّة مفروشة لإنسان غير معروف ليصنعه هناك. إن هذا الشخص وهو الملك ، لم يكن يملك في عاصمته شِبراً واحداً. حقاً كم كان فقيراً!!

ليتنا نتعلم من هذه الحادثة أن نحرص على الكلمات التي ننطق بها في حضرته، ونجد لذتنا وفرحنا، كما فعلت مريم، في تقديم تعبد قلوبنا له.

يوحنا بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net