الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 13 يناير 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حكماء وبسطاء
ها أنا أرسلكم كغنم في وسط ذئابٍ. فكونوا حكماء كالحيات وبسطاء كالحمام ( مت 10: 16 )
إن الخالق العظيم، وإن كان لم يُعطِ النعامة الجميلة قسطاً وافراً من الحكمة ( أي 39: 17 )، لكنه لم يحرم الحية من تلك الميزة الهامة التي نحن في حاجة أن نتعلمها منها. فالحية لا تعرِّض نفسها قط للمخاطرة بدون لزوم. إنها تتجنب قدر الإمكان المواقف الخطرة. وكم نحن في أشد الاحتياج أن نتعلم هذا الدرس.

يقول الحكيم "الذكي يبصر الشر فيتوارى. والأغبياء يعبرون فيُعاقبون" ( أم 27: 12 ). تفكّر في يوشيا الملك التقي، الذي اندفع بلا مبرر إلى معركة لا تعنيه في شيء، فعرَّض نفسه للخطر ومات. ولم يكن هذا بحسب فكر الله قط ( 2أخ 35: 20 -25). بينما من الجانب الآخر نقرأ عن بولس الرسول الشجاع عندما طلب إليه الأخوة مرة ألاّ يعرِّض نفسه لخطر لا فائدة من ورائه، فقد استجاب لهم ( أع 19: 29 -34).

لكن الرب إذ ذكر حكمة الحية، فقد أشار بعدها مباشرة إلى بساطة الحمامة. ذلك لأننا عُرضة أن نتمادى في ما يعتبره الناس حكمة فنتصرف تصرفاً خالياً من البساطة تماماً. فهل يليق بالمؤمن مثلاً أن يكذب ليتفادى الوقوع في مشكلة؟ كلا بكل تأكيد. لقد فعل أبو المؤمنين إبراهيم ذلك عندما قال عن سارة إنها أخته ( تك 12: 11 -20؛ 20: 1-13)، وكان ذلك خطأ في حياة ذلك البطل العظيم لا يفعل الحمام نظيره!

أو قد يتمادى المؤمن في الحكمة ليجنب نفسه المشاكل فيوقع فيها غيره. هذا أيضاً ليس من بساطة الحمام. ولقد فعل ذلك الرسول العظيم بولس لينجي نفسه من مأزق، فأوقع المجمع كله في معركة عندما قال أنا فريسي ابن فريسي ( أع 23: 6 -10). نعم لقد كان بولس في هذا الموقف حكيماً كالحية لكنه لم يكن بسيطاً كالحمام.

إن الحية، وإن كانت من الجانب الواحد لا تعرِّض نفسها بلا لزوم للأذى، فإن الحمام من الجانب الآخر لا يؤذي غيره قط. ما أعجب يوسف ذلك الشاب الحكيم البسيط، ما أعظم حكمة الحية التي ظهرت فيه عندما هرب من فخ وغواية امرأة فوطيفار. وما أروع بساطة الحمام التي أظهرها عندما لم يدافع عن نفسه ليجنب تلك المرأة الفاجرة الأذى!!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net