الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 20 نوفمبر 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أغريباس ورغبة بولس
فقال بولس كنت أصلي إلى الله أنه بقليل وبكثير ليس أنت فقط بل أيضاً جميع الذين يسمعونني اليوم يصيرون هكذا كما أنا ما خلا هذه القيود ( أع 26: 29 )
هنا نجد قول بولس الخارج من أعماق قلبه والذي يعبِّر عن عواطفه الحارة نحو جميع الذين حوله. لقد قال له أغريباس: "بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً؟" وكان يمكن لبولس أن يُجيبه بعبارة كهذه "كنت أصلي أن تصير كذلك". هذا الجواب كان بلا شك يُعتبر صالحاً ومتمشياً مع رغبة بولس في خير أغريباس، ولكن هذا الجواب ما كان ليُعلن لنا تلك الحالة السامية التي كان عليها الرسول، حالة الامتلاء بالفرح، الحالة التي نتجت عنها تلك الرغبة الصالحة من نحو أغريباس وجميع الذين معه. إن القلب الفرحان لا يصدر منه إلا مثل هذه الرغبة الصالحة. لقد شعر الرسول بأنه مُلتزم أن يوضح ما كان يجول بقلبه المتمتع بما له في الله. إن نفسه كانت في سعادة عظيمة لدرجة أنه اشتهى أن الآخرين يتمتعون بما يشعر هو نفسه به. إن الفرح يكون دائماً مملوءاً بالرغبة الصالحة، والفرح الإلهي يفيض دائماً بالمحبة. ولكن أكثر من ذلك، فإن هذه الرغبة تصف لنا حالة نفس الرسول بالرغم من ظروفه. فمع أنه كان قد قضى أكثر من سنتين مسجوناً، إلا أن قلبه كان يفيض فرحاً، وهو إذ يعلم سبب هذا الفرح كان يتمنى أن يكون الذين يسمعونه، وحتى الملك، كما هو ما خلا تلك القيود.

هذا هو تأثير السعادة الحقيقية العجيبة التي تتمتع بها النفس التي أدركت ما نالته من البركات بالإيمان. إن مثل هذه النفس تتمتع بسعادة تشعر معها أنه لا يعوزها شيء على الإطلاق، لا بل وتُنتج هذه السعادة نشاطاً أساسه المحبة الخالصة، ويتجلى هذا النشاط في الاشتياق الشديد نحو سعادة الآخرين. لم يكن شيء من ظروف الرسول الخارجية يبعث على الفرح. لقد طال تعبه وكثرت شدائده المتنوعة ولكن لم يستطع شيء من هذه أن يؤثر عليه، لا بل وحتى نفسه لم يحسبها ثمينة عنده حتى يكمل بفرح سعيه والخدمة التي أخذها ليشهد ببشارة نعمة الله.

لقد قال أغريباس لبولس: "بقليل تقنعني أن أصير مسيحياً؟" فلو قيل لنا هذا الكلام، ربما كنا نستطيع أن نُجيب: نتمنى أن تكون هكذا (أي مسيحياً)، ولكن هل كنا نستطيع أن نقول مع الرسول "كما أنا"؟ إن جواب الرسول يدل على مقدار السعادة التي كانت له.

داربي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net