الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 28 مارس 2003 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الإيمان والنهر اليابس
وكان بعد مدة من الزمان أن النهر يَبِسَ لأنه لم يكن مطر في الأرض. وكان له كلام الرب قائلاً: قم اذهب إلى صرفة ( 1مل 17: 7 ،8)
كان إيليا يرقب هذا النهر وهو ييبس يوماً بعد يوم، وأسبوعاً بعد أسبوع، وهو ثابت لا يتزعزع. وكم من مرة خامرته الشكوك واليأس، ولكنه لم يسمح لظروفه بأن تحول بينه وبين إلهه. الشكوك تنظر إلى الله من خلال الظروف كما تنظر إلى الشمس أحياناً من خلال الدخان فتحجب أشعتها. أما الإيمان فإنه يضع الله بينه وبين الظروف، فينظر إليها عن طريق الله.

وهكذا صار ذلك النهر المتدفق خيطاً فضياً، ثم تحوّل إلى بِرَك ضئيلة انتثرت في قاعه، ثم جفت هذه البِرَك تماماً، وفي ذلك الوقت فقط "كان له كلام الرب قائلاً قم اذهب إلى صِرفة". جاءته هذه الرسالة وهو منتظر لا يتزعزع.

لعل معظمنا لو وُجدوا في هذا الظرف لكانوا قد ارتبكوا وتعبوا في اتخاذ التدابير ورسم الخطط قبل ذلك بزمن طويل، وكانوا قد كفوا عن أغنياتهم وترنيماتهم منذ ابتدأ تناقص المياه في النهر، وكانوا قد علقوا أعوادهم وآلاتهم الموسيقية على الشجر، وغاصوا في تأملاتهم وأفكارهم، وكانوا قد رسموا خطة معينة قبل أن يجف النهر تماماً وطلبوا بركة الله عليها، وغادروا المكان. ذلك لأننا جميعاً مع الأسف الشديد نميل كل الميل إلى اتباع إرادتنا الخاصة وتنفيذ تدابيرنا وما نرسمه لأنفسنا من خطط ومشروعات، وإن لم يحضر صموئيل في الوقت الذي نتوقعه بالذات فإننا نحشر أنفسنا في ما لا يليق بنا عمله، ونقدم المُحرقة ( 1صم 13: 12 ).

هذه هي علة التعب والشقاء. فإننا نرسم الطريق لأنفسنا، ثم نندفع فيه. وعندما تعترضنا الصعوبات التي لا يمكن تخطيها، فحينئذ فقط نبدأ في التفكير عما إذا كانت خطواتنا الماضية متفقة مع إرادة الله، أو إننا يجب أن نطلب إرشاده.

وكثيراً ما أوقف الله تقدمنا في الطريق، وصدنا عن أن نتقدم خطوة أخرى لأن رحمته تدوم إلى الأبد. على أننا لو كنا قد انتظرنا في بداية الأمر حتى يكشف الله عن خطته، لما وصلنا إلى حالة الارتباك والحيرة التي نحن فيها الآن، ولما اضطررنا أن نبلل خطواتنا بدموع الخجل والفشل.

ف.ب. ماير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net