الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 22 نوفمبر 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
طوبى للودعاء
طوبى للمساكين بالروح ... طوبى للحزانى ... طوبى للودعاء .... ( مت 5: 3 -5)
التطويب الأول في موعظة الجبل هو للمساكين بالروح، هؤلاء الذين فتشوا في داخلهم فتيقنوا أنه ليس ساكن فيهم، أي في جسدهم شيء صالح. هؤلاء تمت فيهم أيضاً كلمات التطويب الثاني، إذ أنهم أمام حالتهم الداخلية حزنوا. و"طوبى للحزانى لأنهم يتعزون".

لكن ... أنت تعلم كم هو أسهل على المرء بكثير، أن يقول عن نفسه إنه خاطئ أو رديء، من أن يقولها شخص آخر عنه. إن الأمر الثاني يحتاج إلى تدريب أعمق. وهنا كأن الرب يطوّب مَنْ وصل إلى هذا العُمق الأبعد في شعوره برداءة حالته. فالوديع هو الذي يشعر عميقاً في نفسه بأنه لا شيء أبداً، حتى أنك مهما وجهت إليه من كلام جارح، ومهما نظر الناس إليه بنظرات عدم التقدير، فإنه لا يُثار.

الوداعة إذاً هي نقيض البر الذاتي. فالبار في عيني نفسه، والوديع هما على طرفي نقيض. الأول لا يطيق أن يوجه أحد إليه لوماً، فهو في نظر نفسه أحسن ما يكون. إنه مقتنع بنفسه، مغرور بذاته. أما الوديع، إذ يعلم عميقاً كم في نفسه من رداءة، فإنه مهما قال الناس عنه، فهو يشعر أنه أردأ. لقد قيل بحق إن الوديع هو الذي يتعجب لأن الله والناس يفكرون فيه هكذا، ويعاملونه هكذا، إذ يشعر أنه لا يستحق هذا الكَرَم في المعاملة. إن الوديع إذاً هو شخص يشعر أنه لا يوجد فيه شيء يستحق أن ينشغل به، أو أن يدافع عنه. إنه في نظر نفسه لا شيء.

من كل ما تقدم نفهم أن الوداعة استطراد لنفس الصفات العظيمة التي امتدحها الرب قبلاً .. أعني المسكنة الروحية، والحزن الروحي على ذلك. بل لعله (أي الوديع) تجاوز تلك المرحلة من الحزن إذ تيقن أنه ليس فيه شيء صالح.

وربما يكون الفرق بين الوداعة والحلم ( 2كو 10: 1 ) أن الوداعة بركة داخلية "الروح الوديع". أما الحلم فهو مظهر خارجي لذلك الشيء الثمين الموجود في الأعماق، أعني الوداعة ( 1بط 3: 4 ؛ عد12: 3). الحلم هو ما يراه الناس من تصرفك إذا أُسيء إليك بفعل فظ خشن، أما الوداعة فتحددها نظرتك الحقيقية لنفسك في الداخل. الوديع يشعر في الأعماق أنه لا يملك شيئاً. والحليم هو ذاك الذي يملك نفسه!!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net