الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 25 يونيو 2004 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إيليا وأمانة الله
وجلس (إيليا) تحت رتمة وطلب الموت لنفسه، وقال: قد كفى الآن يا رب. خُذ نفسي ( 1مل 19: 4 )
يا للعجب! هذا الرجل الذي صلى لكي تُغلق السماء ثم تُفتح فأطاعته السماء، وصلى فعادت الحياة إلى الولد الميت، وصلى لكي ترجع قلوب الشعب إلى الله، وصلى فنزلت النار على الذبيحة. هذا الرجل الذي صلى تلك الصلوات التي ما أسماها، الجديرة بخادم الله العلي، نجده الآن وقد تركزت صلاته في ذاته، والاستسلام! "صلى من أجل نفسه...". ما أحقر النُطق الذي يصدر عنا بدافع الانشغال بأنفسنا! وإنه من دواعي سرورنا أن صلاته هذه كان نصيبها الرفض، ولا بد أن إيليا أيضاً قد سُرّ وشكر الله على إغفالها.

إن الرب لم يُجب على هذه الصلاة حتى "بلا" ولكنه تجاهلها. وكم يدين الكثيرون بالشكر لله لتجاهله بعض صلواتهم السخيفة الحمقاء، إلا أنه من الخطأ أن نتوهم أن إيليا لم يكن جاداً في طلبته وأنه ما عنى ما تفوَّه به. لقد كان مُخلصاً عندما قال للرب: "كفى..." لقد كان فوق طاقة البشر ما قاسى وما احتمل، فطلب من مراحم الله أن يعفيه من مزيد من الانسحاق، ويتركه ليمضي في سلام. ولكن لا ... ليس لخادم الرب أن يتوقف في منتصف الطريق، ولا عندما تلوح له النهاية، بل لا بد له من مواصلة الركض حتى نهاية الشوط.

وهكذا أمسك الله عن إيليا مطلبه، وألزمه على مواصلة السير زمناً أطول حتى يُعِّد ويدرب خلفه. ليس طريق الخروج سهلاً ميسوراً. فما كان الله ليوافق على مطلبه إذ قد أعدّ له في النهاية أموراً أفضل تفوق كل ما كان يمكن أن يطلب أو يفتكر. ثم في الحال وُهب له أن يرى تعبيراً مجيداً لمحبة الله، فإن ملاكاً تولى حراسته وإطعامه بحنان مُفرط. لم يحمل إليه ملامة أو توبيخاً، بل كلَّمه بكلمات المواساة والتعضيد. ألم يكن هذا أفضل من تلك الميتة الموحشة التي ابتغاها لنفسه. وبعدئذ سار إلى حوريب ليصغي إلى الصوت الهادئ الخفيض، وفي الختام لم يَمُت إطلاقاً، وإنما أُخذ إلى المجد ظافراً في مركبة من نار. نعم لقد ادخر الله لخادمه الأمين شيئاً أفضل. وجدير بالذكر أن هذا الرجل كموسى، مُنح الامتياز عينه بالظهور مع الرب على جبل التجلي.

أيها الأحباء ... إذا دب فينا دبيب الفشل واليأس، وردّدنا مثل صلاة إيليا، فلا نتوقع استجابتها لأن الله يدخر لنا شيئاً أفضل.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net