الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 يناير 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شمشون: محبة الذات ومحبة اللّذات
ونزل شمشون إلى تمنة، ورأى امرأة في تِمنة من بنات الفلسطينيين.. فقال شمشون لأبيه: إياها خُذ لي لأنها حسنت في عينيَّ ( قض 14: 1 ، 3)
يصعب أن نقرأ قصة شمشون دون أن تفيض الدموع من مآقينا، حسرة على البطل الذي مات ميتة بشعة، وهو في ريعان الشباب. إنه شمشون النذير لله من البطن. كم كان يُنتظر منه لو تعلَّم أن يقمع جسده، ولو تعلم ألا يدلل الذات. آه، لو لم يدلل شمشون نفسه، ولو لم يُجبها إلى كل طلباتها! لكن بعد أن أعطاه الرب الفرصة تلو الفرصة، ولم يستفِد، فقد أتت الخاتمة المُريعة. وفي الفصل الأخير الحزين لحياته، سفر القضاة 16، نرى ثلاثية أسيفة، إذ نرى كيف جرّب شمشون نفسه عندما نزل إلى الزانية في غزة، ثم كيف أسلم للأعداء نفسه، عندما أباح بسر قوته لدليلة، وأخيرًا كيف أهلك نفسه بنفسه، عندما دمرّ المعبد عليه وعلى أعدائه، ومات مع الفلسطينيين!

وكما يعطينا شمشون تحذيرًا قويًا من محبة الذات، فإنه يعطينا أيضًا التحذير من محبة اللّذات. ففي حياة شمشون نقرأ عن ثلاث نساء، وكان السقوط مع كل واحدة ينحدر إلى قرار أبعد من سابقتها، حتى كانت السقطة النهائية في المرة الثالثة. إن المشكلة في هذه المحبة الخطرة، محبة اللّذات، أنك في المرة التالية لن تقنع بالجرعة ذاتها، حتى تجد نفسك في النهاية مقيدًا، ولا مخرج سوى القبر! إنها مثل الشرب من مياه البحر، كل ما تشرب منه تزداد عطشًا ( يو 4: 13 ).

المرأة الأولى في حياة شمشون كانت امرأة فلسطينية من أعداء شعبه، لكنها حَسُنت في عينيه! وآه من العينين وما فعلته بما لا يُحصى من البشر. بداية قصة شمشون أن امرأة حسنت في عينيه، وختام قصته أن امرأة قلعت عينيه، وأما المرأة الثانية فكانت امرأة زانية، قادته إليها شهواته وغرائزه غير المكبوتة. ويا للعار أن يمضي شمشون بشعره الطويل جدًا، ليقضي ليلة عند امرأة زانية! وهكذا لم يتصرف شمشون هنا حتى تصرف الإسرائيلي العادي الذي يحترم ناموس الله، والذي واحدة من وصاياه العشر هي «لا تزنِ» ( خر 20: 14 ). وأما المرأة الثالثة فإنها الوحيدة التي قال الوحي عنها إنه «أحبها». وهنا كان السهم قد وصل إلى القلب، ذاك الذي قال عنه الحكيم: «فوق كل تحفظ احفظ قلبك، لأن منه مخارج الحياة» ( أم 4: 23 )، وأصبح العلاج متعذرًا، فكانت هي النهاية!

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net