إن أعطى الإنسان كل ثروة بيته بدل المحبة، تُحتقر احتقارًا ( نش 8: 7 )
لا بديل للمحبة، فكل عطية تُعطى، حتى ولو كل الثروة، فإنها مع مرور الزمان تنتهي وتُنسى، لكن المحبة وحدها هي التي تبقى، فهي أعظم من كل شيء لأنها طبيعة الله «الله محبة» ( 1يو 4: 16 ). فهي دائمة بدوام الله.
نخلط كثيرًا بين أعمال العناية الإلهية واهتمام الله بالخليقة وبين محبته الرائعة، فالخليقة كلها موضوع اهتمام الله وعنايته، فهو خلقها، وهو المسئول عنها، لذلك يقوتها ويرتّب ويدبر كل احتياجاتها، سواء الخليقة العاقلة أو الخليقة غير العاقلة، وكذلك المؤمنين والأشرار، فهو يُشرق شمسه على الأشرار والصالحين، ويُمطر على الأبرار والظالمين ( مت 5: 45 ). فكل عطاء يهبنا إياه الرب يُظهر رعايته وعنايته واهتمامه. أما محبته، فكان لا بد أن يُظهرها ويُعلنها بأسمى الطرق، ألا وهو إرسال ابنه الوحيد وبذله عوضًا عنا على الصليب «لأنه هكذا أحب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد» ( يو 3: 16 )، «ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة، مات المسيح لأجلنا» ( رو 5: 8 ). فالله أظهر لنا محبته الرائعة بهذه الكيفية، وهو إن كان «لم يُشفق على ابنه بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟» ( رو 8: 32 ).
إن كل عطية في الزمان تلازمنا إلى حين، ثم تتركنا، أو نتركها نحن، أو تُستنزف مع الزمن؛ لكن محبته الإلهية تدوم، وستظل تلازمنا هنا في الزمان كما ستظل لنا ومعنا طوال الأبدية، فالمحبة لا تسقط أبدًا.
مرات كثيرة يتساءل البعض منا: أين محبة الله؟ وكل سائل ينظر إلى ظروفه، سواء المرض أو الفقر أو المشاكل أو...إلخ. لكن لكي ندرك ونَعي محبة الله، لنترك ظروفنا إلى جانب، ولو إلى لحظات، ولنذهب إلى الجلجثة، لنرى شخصًا وديعًا وعظيمًا في الوقت ذاته معلقًا على الصليب، بنظراته الحلوة البريئة ينظر إلينا ويقول في حُب شديد لكل واحد منا: لأجلك أنا هنا.