الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 4 مارس 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ثقي يا ابنة
فلما رأت المرأة أنها لم تختفِ، جاءت مرتعدة وخرَّت له... فقال لها: ثقي يا ابنة، إيمانك قد شفاكِ، اذهبي بسلام ( لو 8: 47 ، 48)
لقد لمست المرأة نازفة الدم، الرب بالإيمان ونالت الشفاء كسائر الذين لمسوه ( مت 14: 36 )، لكن بكل أسف، بعد أن حصلت على الشفاء العاجل والكامل، أرادت أن تختفي. ولكن مَنْ هو الشخص الذي أرادت أن تختفي من أمامه؟ أ ليس هو الذي خرجت منه القوة الشافية؟ أ ليس هو الشخص الذي جاءت إليه بالإيمان ولمست هدب ثوبه؟ لقد جاءت إليه واثقة من قدرته الشافية، لكنها لم تعرفه كالمُحب الحنّان. لو كانت تعرفه هكذا، لسجدت عند قدميه بمجرد شعورها أنها قد برئت من الداء. لو أدركت محبته لها، لطرحت محبته خوفها «لأن المحبة الكاملة تطرح الخوف إلى خارج» ( 1يو 4: 18 ).

ما أبعد الفرق بين هذه المرأة وبين واحد من العشرة البُرّص الذين نالوا التطهير «فواحد منهم لما رأى أنه شُفيَ، رجع يمجد الله بصوت عظيم، وخرَّ على وجهه عند رجليه شاكرًا له، وكان سامريًا» ( لو 17: 15 - 19)، رأى أنه شُفي وكان بإمكانه أن يمضي إلى بيته كسائر التسعة الآخرين، لكنه شعر بعظمة الإحسان، فكيف لا يرجع ليُمجد الله؟! ثم لو رجع إلى بيته مباشرة ما كان ليسمع هذه الكلمات الرائعة: «إيمانك خلَّصك». التسعة نظيره نالوا الشفاء، لكنه هو نال الشفاء والخلاص.

لقد أرادت المرأة التي نالت الشفاء أن تختفي، لكن، هل يمكنها أن تختفي من أعين كلهيب نار ترى في الظلام كما في النور «لما رأت المرأة أنها لم تختف، جاءت مرتعدة وخرَّت له، وأخبرته قدام جميع الشعب لأي سبب لمسته، وكيف برئت في الحال» ( لو 8: 47 ).

ولقد تكررت كلمة «جاءت» في هذه القصة مرتين، لكن شتان بين الاثنتين ( لو 8: 44 ، 47). في المرة الأولى «جاءت» وقلبها مملوء بالإيمان بأن لمسة واحدة لهدب ثوبه تعطيها الشفاء، ولكن في المرة الثانية «جاءت» مُجبرة على ذلك إذ رأت أنها لم تختفِ. لو استطاعت أن تختفي ما كانت «جاءت» إليه .. إنها لما جاءت أولاً ولمست ثوبه ونالت الشفاء، لم تخرّ عند قدميه، لذلك بعد شفائها أرجعها الرب إليه «جاءت ... وخرَّت له» ( مر 5: 33 )، أرجعها الرب بعد أن رأت أنها لم تختفِ، فجاءت مرتعدة وخائفة مع أن الرب مرارًا قال لتلاميذه «لا تخافوا»، لذلك بإرجاعها إليه أزال مخاوفها وملأ قلبها بالاطمئنان «ثقي يا ابنة ... اذهبي بسلام».

حليم حسب الله
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net