أجاب نثنائيل وقال له: يا معلم، أنت ابن الله! أنت ملك إسرائيل! ( يو 1: 49 )
إننا من قلوبنا نشكر الله من أجل إعلانات الإنجيل الرابع الغنية العميقة. لنقرأ فيه حيثما أردنا، فسنجد أنفسنا في محضر الثالوث الأقدس. فإننا في كل مكان نسمع صوت بذل حياته، ونرى مجد بنوته، ونشخَص كما شَخَص الثلاثة المأخوذون بجلال المنظر فوق جبل التجلي، في ذاك الذي كان وجهه يضيء كالشمس، وهيئته تلمع ببهاء مجد السحابة؛ فلا يسعنا إلا أن نقول له: «ربي وإلهي».
وأكثر من ذلك، نحن نراه في هذا الإنجيل، ليس فقط مُستعلنًا في مجده الشخصي، بل أيضًا نسمع صوته كمن هو ابن محبة الآب. لقد كلَّم الله الآباء بالأنبياء قديمًا بأنواع وطرق متنوعة، ولكن في هذا الإنجيل يكلمنا الله في ابنه، فذلك الابن الأزلي هو كلمة الله الحي إلى الأبد، الكلمة الذي أعلن الآب.
وما أرق وأحلى صوت يسوع ابن الله. لقد كسر صوت الرب «يهوه» في جلاله وجبروته أرز لبنان ( مز 29: 5 )، وعند جبل سيناء جلجل ذلك الصوت، فارتعب السامعون وارتعدوا ( خر 20: 18 -20؛ عب12: 19)، أما اليوم فكلمات الرب يسوع في إنجيل يوحنا هي لنا حلوة كالعسل ولذيذة كقطر الشهاد. وفي عبيرها الزكي هي «دهن مُهراق»؛ كلمات عذبة رقيقة لا تقصف قصبة مرضوضة ولا تطفئ فتيلة مدخّنة، تواسي الضعيف وتكسب القوي، سمعان الجريء المتسرع، كما نثنائيل الهادي الوديع.
يُرينا هذا الإنجيل كيف أن صوت ابن الله، كان بالنعمة يتكيف ليناسب كل ظرف وكل حالة بين الناس. فنراه يتكلم في اليهودية وفي الجليل، وأيضًا في السامرة وفي الهيكل في أورشليم، وفي المجمع في كفر ناحوم، وعلى سطح البحر الهائج، وعلى الشاطئ الهاديء، وفي وسط أفراح عُرس قانا الجليل، وأحزان بيت عنيا، ومع معلّم غني بالليل، ومستعطي أعمى بالنهار.
إن كلمات ربنا يسوع، ابن الله، لم تكن حادة كسيف قاطع، ولا هي رخوة، بل حلوة المذاق؛ حتى أن بعضًا ممن لم يكونوا من تلاميذه قالوا: «لم يتكلم قط إنسان هكذا مثل هذا الإنسان!» ( يو 7: 46 )؛ ولا عجب، فالنعمة قد انسكبت على شفتيه، والنعمة والحق به صارا.