الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 13 مايو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
معجزة إشباع الجموع الثانية
وأما يسوع فدعا تلاميذه وقال: إني أشفق على الجمع ... ليس لهم ما يأكلون. ولست أريد أن أصرفهم صائمين لئلا يخوِّروا في الطريق ( مت 15: 32 )
في الأصحاح الخامس عشر من إنجيل متى، نجد الرب يسوع يبدأ بمفاتحة تلاميذه بالكلام، ويُظهر قلبه المحب ويُسمعهم نبضات ذلك القلب العطوف. وهنا نرى أنه ما أبعد الفرق بينه وبينهم. وما أحلى أن نرى قلب يسوع يشترك في إعواز البشر ويرق لمشاهد فقرهم، ويتحنن ويعطف عليهم خلافًا لقلب الإنسان.

اصغِ إلى نبرات حنانه «أما يسوع فدعا تلاميذه وقال: إني أشفق على الجمع، لأن الآن لهم ثلاثة أيام يمكثون معي وليس لهم ما يأكلون. ولست أريد أن أصرفهم صائمين لئلا يخوّروا في الطريق» لأن «قومًا منهم جاءوا من بعيد» ( مت 15: 32 مت 14: 15 )، فلم يَقُل اصرفوهم كما قالوا هم سابقًا ( مر 8: 2 )، بل قال: «إني أشفق على الجمع» وقد عرف حزنهم بتدقيق وقدّر الوقت الذي صرفوه معه والسفرة الطويلة المزمعين أن يسافروها، والبُعد الذي أتوا منه ( مت 14: 14 ، 3) وما أبدع الكمال البادي في هذا الحساب الدقيق الذي لا مثيل له في قلوب التلاميذ الذين أظهروا النقص نحو رفقائهم ونحو الرب، ولم يكن عندهم جواب يتفق مع قلب سيدهم. ولما بان قلب الرب الجميل انكشفت خيانة قلوبهم وحالاً نسوا إطعام الجموع حديثًا (مت14: 14- 21)، وامتلأوا بفكرة إطعام الجمع الغفير بالزاد اليسير، وما كنا نظن أنهم ينسون الدرس الماضي بغاية السرعة في ظروف مُشابهة، حقًا إن هذا يدعوا إلى الاستغراب والسؤال: كيف نسوا؟! ولكن يتراءى لي أن قلب الإنسان غير ميّال بالمرة لإظهار مجد الله، لذلك يتصامم عن صراخ الحزانى حوله ولا يعبأ بهم.

وها نحن قد نظرنا الإنسان والله ـ القلب الذي نحمله وقلب ربنا يسوع المسيح. إظهار قلوبنا يذلنا ويقودنا إلى التواضع، أما إظهار قلب يسوع يُبهجنا وينعشنا، ويلّذ لنا أن نرى قلب يسوع لم يكّل ولم يضجر مما ناله من الإنسان ورآه في الإنسان. فلم يُسلّم في التلاميذ بعد أن انكشفت قلوبهم الرديئة، ولكن ظل سائرًا معهم مُبديًا لهم صبر محبته وغنى نعمته وطول أناته إلى المُنتهى.

حقًا إنه لا مناص من تعلم الدرسين معًا؛ درس مَنْ هو الإنسان، وهذا فيه من المذلة ما فيه، ودرس مَنْ هو الله، وكم من التعزية والفرح والطمأنينة في ذلك.

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net