الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 15 يوليو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
أوان القضب
أجاب حبيبي وقال لي: قومي يا حبيبتي، يا جميلتي وتعالي... الزهور ظهرت في الأرض. بلغ أوان القضب، وصوت اليمامة سُمع في أرضنا ( نش 2: 10 - 12)
إذا كان المقصود بالقضب هو قطع أغصان الكرمة الجافة في بدء فصل الربيع، ففي ذلك تحذير خطير لغير المؤمنين، فقد شبَّه الرب ذاته بالكرمة الحقيقية، والمؤمنون هم الأغصان الحية التي تأتي بثمر، أما المسيحيون بالاسم فهم الأغصان الميتة غير المُثمرة. وإن الآب هو الكرَّام يميز بين هذه وتلك، فالأغصان الميتة التي لا تأتي بثمر، ينزعها ويطرحها خارجًا فتجف وتُطرح في النار، فتحترق (يو15). وفي هذا إنذار خطير وصريح لكل المسيحيين بالاسم الذين لا حياة فيهم ولا ثمر، حتى يبادروا بالإتيان إلى المخلص الكريم بالإيمان القلبي به وبكفاية عمله فوق الصليب.

كما أن في هذا التعبير درسًا نافعًا للمؤمن الحقيقي. فالآب السماوي ـ الكرَّام ينقي كل غصن حي ومُثمر لكي يأتي بثمر أكثر. إنه ـ له المجد ـ يعمل بوسائله الإلهية المتنوعة ـ التعليم والإنذار والتوبيخ، وبالتأديب المؤلم إذا لزم الأمر وذلك لتنقية حياتنا من كل ما يعطل نمونا الروحي ويعيق الإكثار من الثمر، وإذ ينقي ويطهر حياتنا من كل معطل لنموها، تمتلئ قلوبنا شبعًا وفرحًا وتسبيحًا، فلو لم يكن قد بلغ أوان القضب ـ أعني قطع الأغصان الجافة حيث كانت العصافير تعشش فيها، لما سُمع صوت اليمامة وغناؤها، فقد يسمح الرب بأن يهز ويهدم كل عش تنام فيه قلوبنا ويزيل كل ركن تستند عليه نفوسنا، لكي نسبح في جو الأقداس السماوية، جو الشركة النقي حيث نسبحه ونرنم له أغاني الحمد وأناشيد الفرح.

ولقد جاءت عبارة «بلغ أوان القضب» في ترجمات عديدة بمعنى "بلغ أوان الغناء أو تغريد العصافير"، وإن في هذا معنى ساميًا أيضًا، فالعصافير الصغيرة تبقى طول الشتاء في أوكارها وقلما تغرد، ولكن كأن الحياة بأغانيها الشجية تعود إليها عندما يجيء الربيع، ولا ريب في أن النفس التي تلبي دعوة الرب الحبيب «قومي تعالي ... الزهور ظهرت في الأرض». وتأتي إليه بكل قلبها، فإنها لن تخلص فقط من برودة الحياة الروحية وجفافها، بل تتمتع أيضًا بمباهج الربيع البهية ـ ربيع الفرح والنشاط الروحي، وتنتعش بعبيق رائحة الزهور العطرية ـ رائحة المسيح الزكية، وبرؤية أشعة الشمس المُشرقة ـ شمس المحبة الإلهية «لأن الرب الله، شمسٌ ومجن. الرب يعطي رحمةً ومجدًا» ( مز 84: 11 ).

متى بهنام
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net