الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 18 يوليو 2005 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
محبة خادم
وأما أنا فبكل سرور أُنفِق وأُنفَق لأجل أنفسكم، وإن كنت كلما أحبكم أكثر أُحَب أقل! ( 2كو 12: 15 )
تميَّز الرسول بولس، في خدمته، بمحبة فياضة. فبالمحبة كان يسعى وراء نفوس بعيدة ليربحها للمسيح، مستعدًا لأية تضحية في سبيل ذلك، وبالمحبة كان يرعى ويعلِّم القديسين بكل الرفق وطول الأناة. فما من خدمة، كيفما كان نوعها، وإن كانت أبسطها، يمكن أن تُثمر بلا محبة.

ولم يحرم الله بولس من مُحبين: فهناك مَنْ أراحه مرارًا كثيرة ( 2تي 1: 16 - 18)، وهناك مَنْ حرموا أنفسهم ليعطوه ( 2كو 8: 1 - 5)، بل أن هناك مَنْ وضع عنقه لأجله ( رو 16: 3 ، 4).

ونعتقد أنه من الطبيعي أن يكون مردود محبة بولس في خدمته هو الحب من مخدوميه. على أن ذلك لم يكن غرضه من المحبة في الخدمة. فالمحبة الحقيقية، لأنها «لا تطلب ما لنفسها» فهي لا تنتظر شيئًا في المقابل، بل تعطي تعبيرًا عن ذاتها فحسب. هكذا علّمنا الله المحبة. وهكذا تعلَّم قديسون كثيرون؛ خُذ أبفرودتس مثالاً، ذلك الخادم التاعب الذي يصفه الرسول بأبلغ الكلمات من جهة خدمته ودوافعها «العامل معي، والمتجند معي، ورسولكم، والخادم لحاجتي ... لأنه من أجل عمل المسيح قارب الموت، مُخاطرًا بنفسه، لكي يجبر نقصان خدمتكم لي». مرض يومًا ذلك الخادم المتفاني المُحب. وقد نرى أنه من أبسط حقوقه أن يسأل عليه إخوته. لكن اسمع أحشاء محبته، لقد كان «مغمومًا لأنكم سمعتم أنه كان مريضًا»، فما كان في باله حقوقه، بل إن محبته لإخوته استمرت في عطائها، في الوقت الذي تتوقع المشاعر الإنسانية الطبيعية أن تأخذ. لقد خشي أن يستبد بإخوته القلق عليه، فغمّه ذلك، ولم يسترح إلا بعد أن عاد لإخوته ليهدئ من روعهم عليه!!

على أن بولس، في محبته الخادمة، وخدمته بالمحبة، تقدَّم خطوة أكبر للأمام، فعندما وُجه بمشاعر عكسية من أُناس تعب فيهم كثيرًا في كورنثوس، نجده يقول لهم «وأما أنا، فبكل سرور أُنفِق وأُنفَق لأجل أنفسكم، وإن كنت كلما أحبكم أكثر أُحب أقل». إنه لا يزال، بغض النظر عما لاقاه منهم، وبغض النظر عن حالهم، على استعداد أن يقدم كل ما عنده «أُنفِق»، بل ونفسه «أُنفَق» مع علمه أن ذلك يتناسب تناسبًا عكسيًا مع محبتهم له! بهذه المحبة الفياضة المتسامية، عالج أخطاءهم، وبالمحبة أيضًا علَّمهم الحق.

عصام خليل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net