الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 9 أكتوبر 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
تحفظوا من الطمع
وقال لهم: انظروا وتحفظوا من الطمع ( لو 12: 15 )
الطمع هو بلا جدال الإثم المميِّز لأيامنا هذه، وبكل أسف فإنه يزحف على شعب الله ويبسط يده عليهم كما على أهل العالم. لهذا فإن كلمة الله تحذرنا منه بصرامة، فكم فلَّ من عضد الأشداء، وكم عطَّل مسيرة الغرباء.

ما هو الطمع؟ وكيف نميز بينه وبين عدم التبذير، واستغلال الإمكانيات التي يمنحها لنا الله بأمانة نحو الله وجميع الناس؟ إن خطية الطمع يعبر عنها بمُسمّيات مختلفة مثل “الشهوة” أو “الرغائب الجسدية”. لذلك فإن الرسول يحرِّض المؤمنين قائلاً: «كونوا مكتفين بما عندكم» ( عب 5: 13 )، كذلك نقرأ «إن كان لنا قوت وكسوة فلنكتفِِ بهما» ( 1تي 8: 6 ). والطمع هو ما على العكس من هذا، فهو نَهَم القلب الذي لا يشبع بما سُرَّ الله أن يعطيه، والطمع هو «عبادة أوثان» كما تعلمنا كلمة الله. لذلك فإن الإنسان الطمَّاع هو الذي يُدخل حسابات الربح والخسارة المادية في علاقة النفس بالله، فإن كل ما يمكن أن يحولنا عن المشغولية به، هو في واقع الأمر وثن. بهذا نمتحن ذواتنا لنعرف في أي موضع نحن نقف الآن.

إن كلمة الله لا تدعو إلى الكسل والتراخي، بل إلى الجد والاجتهاد، ولكن هذا لا يعني أن نأخذ جانب التطرف في هذا الأمر، فنجعل قلوبنا على شغل الجمع والتكويم، فهذا لا يقل خطرًا روحيًا عن الكسل والإهمال. أما الاعتدال الحَسَن، فهو ما نتعلمه من الروح القدس القائل: «غير متكاسلين في الاجتهاد. حارِّين في الروح. عابدين (أو خادمين) الرب». وعندما أكون عابدًا له، فإن كل أمر يوضع تلقائيًا في نصابه، وحينئذ سأستعمل العالم، لا كأنه ملكي، بل باعتباري وكيلاً على كل نعمة سلَّمها لي الله.

لو أن لنا العين البسيطة، لمَا كنا نسمع عن أُناس يقولون إنهم سياح في العالم، وهم يغرقون في أعمالهم، أو يتورطون في صفقات تحوم شُبهات حول أرباحها، سعيًا وراء المكاسب السريعة، التي كثيرًا ما يؤدي فشلها إلى إهانة مؤلمة للاسم القدوس الحَسَن الذي دُعي علينا. ومن البديهي أنه لا يجوز للمؤمن أن ينخرط في أعمال، لا يستطيع أن يستعرضها أمام ذاك الذي «عيناه أطهر من أن تنظرا الشر»، مهما كان الكسب الذي سيعود عليه منها.

هنري أيرنسايد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net