الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 9 إبريل 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
قد اتكل على الله
وكذلك رؤساء الكهنة أيضًا وهم يستهزئون مع الكتبة والشيوخ قالوا: قد اتكل على الله، فلينقذه الآن إن أراده! لأنه قال: أنا ابن الله ( مت 27: 41 - 43)
لعله لم يكن بين كل التعييرات التي وقعت على ربنا المبارك في ساعة اتضاعه العميق التي لا يُعبَّر عنها، ما هو أشد مرارة ووخزًا من تلك العبارة التي قالها المستهزئون به عند الصليب: «قد اتكل على الله، فلينقذه الآن إن أراده».

إن مرارة هذه العبارة تكمن فيما يبدو كأنه حق وصدق بحسب الظاهر في كلمات المُعيرين. لأنه ما من أحد على الإطلاق اتكل على الله، كما اتكل عليه ذلك المتألم الكريم. كانت كل حياته ثقة كاملة غير متزعزعة في الله، حتى أنه لا يمكن أن يُقال عن أحد آخر سواه «قد اتكل على الله». لكن هجمات المُعيرين له عند الصليب، كانت تعني اتهامه بالخداع والتضليل، لأن كلمة الله واختبار الإنسان يؤكدان على السواء، أن الله لا يتأخر عن أن يخلص مَنْ يتكل عليه حقًا.

ولقد أُضيفت إلى مرارة التهكم، جريمة أخرى بسبب كلمة «الآن» «فلينقذه الآن». الآن وقد سُمرت منه اليدان والرجلان .. الآن وقد هرب عنه الأصدقاء والخلان .. الآن والناس من حوله مشدوهون، وقُضاته ينظرون إليه شذرًا، والعسكر يسخرون منه، واللصان يُعيرانه. فهذه هي اللحظة التي فيها تُكافأ الثقة في الله ـ إن كانت هناك ثقة حقًا.

هكذا فكَّر الناس، وهكذا تصوّروا، بينما هو احتمل في وداعة وسكوت التعييرات تنهال عليه، لأنه كان على الصليب، ليس فقط ليصنع كفارة للإساءة التي جلبتها الخطية ضد الله، وليس فقط ليكفِّر عن ذنب الخطية، وليس فقط ليبذل نفسه فدية عن كثيرين وليحمل خطاياهم كالبديل الإلهي، وليس فقط ليكون فدية لأجل الجميع ليعبِّر عن محبة الله للعالم، وليس فقط ليموت وهو البار من أجل الأثمة ليقرّبنا إلى الله ويتمم كل القصد الإلهي الذي من أجله جاء، لكنه أيضًا كان على الصليب ليُكلل حياة قُضيت في الطاعة المتواصلة بموت هو أكمل صورة للتكريس الكامل لله.

إن وقت المكافأة لم يكن قد جاء حينئذاك. وكان لا بد أن يكون أمينًا إلى الموت. وكان لا بد أن يصل ذلك المتألم الصابر البار إلى أغوار مُظلمة مستوحشة. على أن ثقته في الله الذي أرسله، وجدت متنفسًا في آخر ما نطق به عن كامل ثقة إذ قال: «يا أبتاه، في يديك أستودع روحي» ( لو 23: 46 ).

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net