الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 13 يوليو 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
عَكسَة: ممن طلبت؟ وكيف طلبت؟
وكان عند دخولها أنها غرَّته بطلب حقل من أبيها. فنزلت عن الحمار، فقال لها كالب: مالكِ؟ فقالت له: أعطني بركة ( قض 1: 14 ، 15)
الأب في هذه القصة يصوِّر لنا الآب السماوي، مصدر كل العطايا، كقول الرسول يعقوب: «كل عطية صالحة وكل موهبة تامة هي من فوق، نازلة من عند أبي الأنوار، الذي ليس عنده تغيير ولا ظل دوران» ( يع 1: 17 ). وإن كان الأب الأرضي يعطي، فكم بالحري الآب السماوي، عندما نطلب منه بالإيمان؟ هذا ما قاله المسيح في يومه: «إن كنتم وأنتم أشرار تعرفون أن تُعطوا أولادكم عطايا جيدة، فكم بالحري أبوكم الذي في السماوات، يَهبُ خيرات للذين يسألونه!» ( مت 7: 11 ).

والله في تدبير النعمة الحاضر الذي نعيش فيه، يُسرّ بأن يعطي. ففي تدبير الناموس، كان الله ينتظر من الإنسان شيئًا، ولكن في صليب المسيح، وقد ثبت أن الإنسان لا يقدر أن يقدم شيئًا، إذ أنه خاطئ ومُفلس، فإن الله ـ وبناء على كفارة المسيح ـ يعطي ويغدق. لقد أعلن المسيح لشابة أخرى، لم تكن مثل عكسة امرأة فاضلة، بل كانت تعيش في مستنقع الوحل والخطية، تقابل المسيح معها، وحدَّثها عن عطية الله، وهو الذي حفّزها على الطلب قائلاً: «لو كنتِ تعلمين عطية الله ... لطلبتِ أنت منه فأعطاكِ ماءً حيًا» ( يو 4: 10 ).

ونلاحظ في عكسة مزيجًا ممدوحًا من الجسارة والوداعة. إنها تطلب من أبيها، لكنها تبدأ بإخبار رجلها بذلك، باعتبار أنه رأسها. يقول الوحي إنه عند دخولها غرَّته (أي غرّت زوجها، أو حفّزته) بطلب حقل من أبيها. ثم عندما طلبت من أبيها، يسجل الوحي هذه الملاحظة أنها: «نزلت عن الحمار». فمع أنها اقترنت برجل، لكنها ما زالت تقدِّر أباها وتحترمه، تمامًا كما كانت تفعل وهي فتاة في رعايته. وهي في هذا تذكِّرنا بفتاة أخرى، هي رفقة، عندما تقابلت مع رجلها إسحاق في الحقل، نزلت عن الجمل، مهابةً واحترامًا له ( تك 24: 64 ). ونحن نؤكد هنا إن هذه ليست عادة شرقية، أهملها الغرب بالأسف، ولا هي عادة قديمة نبذها الجيل الجديد بحكم التطور الاجتماعي السريع، بل إنها تعليم سماوي وكتابي. فيقول الناموس: «من أمام الأشيب تقوم، وتحترم وجه الشيخ، وتخشى إلهك، أنا الرب» ( لا 19: 32 ).

واسم "عكسة" معناه "زينة"، ولقد كانت كذلك اسمًا على مُسمَّى، إذ إنها بسلوكها الوديع هذا زيَّنت «تعليم مخلصنا الله في كل شيء».

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net