الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 23 سبتمبر 2006 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
شعب يسكن وحده
إني من رأس الصخور أراه. ومن الآكام أبصره. هوذا شعب يسكن وحده وبين الشعوب لا يُحسب
( عد 23: 9 )

هذه هي أول رؤية يراها بلعام: رأى شعبًا مُفترزًا عن باقي الشعوب. وبين أمم الأرض لا يُحسب لأنهم مفتَرِزين منهم. ولا تجوز عليهم عوائد العالم. إنهم شعب الله. وفي اللحظة التي يدخل فيها الله في أي أمر، يتغيّر الحكم وتتغيّر الاعتبارات؛ لأن الشيء الذي ميّز الشعب القديم عن باقي الشعوب، كان هو وجود الله في وسطهم ومسيره معهم. وإن كان الله معهم، فطبيعة الأشياء نفسها تحتّم أن يسكن هذا الشعب وحده. في هذا، كان امتيازهم وكانت بركتهم.

إن شعب الله بالضرورة ينبغي أن يكون شعبًا متفرّدًا وحده، لأنهم ليسوا جزءًا من هذا العالم. وإذا كنا نذكر كلمات الرب يسوع التي قالها في مسامع تلاميذه قبل أن يتركهم، سوف ندرك أن هذا المعنى هو الذي قصد أن يؤكده. يقول ـ له المجد ـ مخاطِبًا الآب «ليسوا من العالم كما أني أنا لست من العالم» ( يو 17:  14). وأكثر من ذلك يقول بعد ذلك مباشرة: «كما أرسلتني إلى العالم، أرسلهم أنا إلى العالم». إنهم في العالم بصفتهم مُرسَلين إليه كسفراء يمثِّلونه كما كان هو يمثِّل الآب. والرب وحده كان يستطيع أن يعلن الآب في كل صفاته. لكن نحن لا نستطيع ذلك، بل ويستحيل علينا ذلك، لكن تبارك اسم الرب، لأننا نستطيع ذلك عن طريق نعمته. الابن وحده استطاع أن يمثِّل الآب أصدق تمثيل. ونحن، على الأقل، على قياس ما، نستطيع أن نمثِّل الرب المبارك الذي كان على الأرض، ابن الإنسان في هذا العالم.

لنذكر أن هذه هي رؤيا القدير. إنها ليست ما يبدو في الواقع عمليًا، مع أنه ينبغي أن يكون هذا حقًا واقعًا. والشعب القديم كان ينبغي أن يكون وحده، لكن هل كان هذا صحيحًا بالنسبة لتصرفهم العملي في كل تاريخهم؟ لا، بكل أسف، ونحن نعلم، كيف أنهم في البرية اختلطوا بالشعوب الأخرى. ونعلم، كيف بتضليل ذلك النبي بلعام عينه الذي تكلم بالبركة عليهم؛ كيف أغواهم لكي يختلطوا بالمديانيين، وكانت النتيجة قضاءً صارمًا. إن النظرة من وجهة الحالة العملية وبحسب حكم الإنسان، لا يمكن أن يصدق معها القول إنهم «شعب يسكن وحده».

لكن النظرة من الوجهة الإلهية هي النظرة الحقيقية، وهى الصحيحة. والإيمان وحده هو الذي يتفق معه في نظره، ويرى كما يرى الله. فنحن لسنا من العالم، كما أن المسيح ليس من العالم.

ف. و. جرانت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net