الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 21 أكتوبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
اللصان كانا يُعيرانه!!
قد اتكل على الله، فليُنقذه الآن إن أراده! لأنه قال: أنا ابن الله! وبذلك أيضًا كان اللصان اللذان صُلبا معه يُعيرانه ( مت 27: 43 ، 44)
ما أعجب ما قاله المصلوبان معه، اللذان كانا يعيّرانه بالصليب رمز العار، بينما هما أيضًا مُعلقان على صليب عار نظيره! هل سمعنا أن شخصًا محكومًا عليه بالإعدام يُعيِّر آخر تحت الحكم ذاته؟ بل الأعجب والأعجب كانت كلمات الرب نفسه، والتي مسَّت قلب واحد من هذين اللصين، فغيَّرته في اللحظات الأخيرة من حياته، فتحول عن تعيير السيد إلى إدانة ذاته وتوبيخ رفيقه. كانت الكلمة الأولى للسيد هي التي مسَّت قلب هذا اللص، بل وقلوب الكثيرين من بعده: «يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون» ( لو 23: 34 ).

حقًا إنهم لو علموا لَمَا صلبوا رب المجد. ما أعجبك يا سيدي!! ألا تفعل ما فعله الأتقياء قديمًا؟ فداود في يومه طلب النقمة من آكل خبزه (أخيتوفل) الذي رفع عليه عقبه (مز109)، وإرميا طلب النقمة ممن ألقوه في الجُب، ولكن هنا الذي لم يفعل شيئًا ليس في محله يطلب الغفران لقاتليه، إذًا فهذا هو المسيا، يهوه الذي تكلم عنه الأنبياء. هذا كان إيمان اللص التائب، فطلب من الرب أن يذكره مستقبلاً عندما سيعود ليأخذ مُلكه الأكيد على كل الأرض. ولكن الرب صحَّح له إيمانه الذي كان يجب على اليهود أن يقبلوا به المسيا المصلوب، فقال له: «اليوم تكون معي في الفردوس» ( لو 23: 43 ).

لن ينتظر فيذكره عندما يأتي ليملك، لكنه لن ينساه، لا وهو على الصليب، ولا بعد أن يستودع روحه في يد الآب، ففي اللحظة التي ستنتهي فيها حياته على صليبه، سيجد نفسه مع المسيح في فردوس الله، وعندما سيأتي ليملك، سيُحضره الله مع المسيح ليملك معه.

كان الرب على الصليب في شدة آلامه غير مشغول بها، بل بالآخرين، لا سيما الذين تتأثر حياتهم بغيابه، وأولهم المطوَّبة أمه. لقد رحل رجلها، وها ابنها الوحيد تفقده، لكنه أعدَّ لها ملجأ، لذلك توجه إليها وإلى تلميذه يوحنا بالقول: «يا امرأة، هوذا ابنك .. هوذا أُمك» ( يو 19: 26 ).

يا لرقته وهو في آلامه، لم ينسَ اللص، ولم ينسَ أُمهُ، ولم ينسَ أُمته التي طلب الغفران لها، ولم ينسني، ولم ينساك أنت أيضًا، ومن هناك سدد كل احتياجنا.

مراد فارس
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net