الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الاثنين 24 ديسمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
كيف نغضب ؟
صنع سوطًا من حبالٍ وطرد الجميع من الهيكل.. وقال .. لا تجعلوا بيت أبي بيت تجارة! فتذكَّر تلاميذه أنه مكتوبٌ: غيرة بيتك أكلتني ( يو 2: 15 - 17)
إنه من المُهم جدًا أن ننتبه إلى الحافز أو الدافع إلى الغضب، لأن كثيرًا ما كان غضبنا نحن مرجعه حُب الذات والأنانية، لأن شخصًا ما أساء إلينا. ولكن ربنا المبارك لم يغضب قط بسبب إساءة لحقت بشخصه.

إنه ـ تبارك اسمه ـ في ناسوته الكامل، كان له ملء الشعور والإحساس المُرهف عندما وقف أحباؤه وتلاميذه بعيدًا عنه، وعندما كان أعداؤه يطلبون حياته، ويلتمسون له الشر، وعندما كانوا ينصبون له الشراك، ويتكلمون بالكَذب ضده اليوم كله. لكنه كان يقول: «أما أنا فكأصم لا أسمع. وكأبكم لا يفتح فاه. وأكون مثل إنسان لا يسمع، وليس في فمه حُجة» ( مز 38: 13 ، 14)، وهو «الذي إذ شُتم لم يكن يَشتم عوضًا، وإذ تألم لم يكن يُهدد بل كان يسلِّم لمن يقضي بعدلٍ» ( 1بط 2: 22 ). لقد «ظُلم أما هو فتذلل ولم يفتح فاه. كشاة تُساق إلى الذبح، وكنعجة صامتة أمام جازيها فلم يفتح فاه» ( إش 53: 7 ).

وتأملوه ـ أيها الأحباء ـ أمام رئيس الكهنة، وأمام بيلاطس، وأمام هيرودس، انظروا إليه مُكللاً بالشوك، ومضروبًا على الوجه، ومجلودًا ومُحتقرًا، وهو في كل ذلك لا يفقد هيبته وجلاله، ولا يتخلى عن هدوئه وصمته. لقد بقى ساكتًا في كل مشاهد الإهانة.

ولكننا نراه يغضب لأن الهيكل، الذي يقترب فيه الإنسان من الله، انتشر فيه الفساد، وخرب روحيًا وأدبيًا، وأصبح مجالاً لإشباع طمع وجشع القادة الدينيين، واستغلالهم لشعب الله. ونراه يغضب لأن الباعة والتجار والصيارف يدنسون كرامة بيت الله، وبيت الصلاة أصبح بيت تجارة ( إش 56: 7 إر 7: 11 )، ومجالاً للربح القبيح، بل ومغارة لصوص (إر7: 11؛ مت21: 13).

ثم نراه يغضب لأن نفرًا من متعصبي اليهود، ذوي العقول الضيقة، يفرضون قواعد عقيمة لحفظ السبت تحول دون فعل الخير وشفاء شخص مريض متألم؛ يده يابسة «فنظر حوله إليهم بغضب، حزينًا على غلاظة قلوبهم» ( مر 3: 5 ). وإن هذا النوع من الغضب المقدس غير الأناني، الغضب الذي هو صورة من صور الغيرة على مجد الله وخير الآخرين، هو الذي يحرّضنا عليه الرسول قائلاً: «اغضبوا ولا تخطئوا» ( أف 4: 26 ).

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net