الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 20 سبتمبر 2007 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
ابنة يفتاح .. موت أسرع من المتوقع
فصارت عادةً في إسرائيل أن بنات إسرائيل يذهبن من سنةٍ إلى سنةٍ لينُحن على بنت يفتاح الجلعادي أربعة أيام في السنة ( قض 11: 39 ، 40)
لا أريد أن أتوقف لأناقش القضية التي انقسم أمامها الشرَّاح إلى فريقين: أعني هل نفّذ يفتاح نذره حرفيًا، أم أنه كرّس ابنته فقط لعيشة العذوبية، لتخدم الله في هيكله؟ فإنني أقف مع فريق الشرّاح المقتنعين بأن يفتاح نفَّذ نذره حرفيًا. وإلا، فكما قال أحد الأفاضل، ما الداعي لأن تذهب البنت إلى الجبال لتبكي عذراويتها شهرين؟ وإن كان الأمر اقتصر على تكريس الحياة للرب، فعلام البكاء؟ وإن كان بكاؤها كما يقول بعضهم؛ لأنها ستُحرم نعمة الإنجاب، الذي كان يُعتبر بركة عُظمى في العهد القديم، فلِمَ البكاء شهرين وليس باقي العمر؟ وما معنى أنها عند نهاية الشهرين رجعت إلى أبيها ينفذ فيها نذره؟ ثم كيف يمكن أن نفسِّر العادة التي ألفت بنات إسرائيل أن يعملنها، إذ كُن يذهبن لينُحن على بنت يفتاح الجلعادي أربعة أيام كل سنة؟

لقد ماتت ابنة يفتاح، وودعت الحياة قبل أن تدخلها!

إننا نسمع أيوب يقول في يومه: «الإنسان مولود المرأة، قليل الأيام وشبعان تعبًا. يخرج كالزهر ثم ينحسم، ويبرح كالظل ولا يقف» ( أي 14: 1 ، 2). ونُجيبه: مهلاً يا شيخنا العزيز، هل تحسب أيامك قليلة، فماذا عساها ابنة يفتاح تحسبها؟ وهل كانت أيامك القليلة ملآنة بالتعب يا رجل؟ فماذا تكون حياة البنت الرقيقة، ربيبة الكفاح، ابنة يفتاح؟

في أول أسفار الكتاب المقدس نقرأ عن أب شيخ قال لأولاده: «تُنزلون شيبتي بحُزن إلى الهاوية» ( تك 42: 38 )، لكننا هنا نجد أبًا يُنزل شباب ابنته الغضة بحزن إلى الهاوية. لقد أصعدها يفتاح أبوها مُحرقة، وما عاد لجسدها وجود في هذا العالم التعس، ولكن روحها سرعان ما انطلقت إلى خالقها الذي أعطاها.

مأساة كُبرى! إذ انتهت حياة هذه الفتاة العظيمة سريعًا! وهذا النُبل طواه الموت مبكرًا! ونحن لا يَسَعنا إلا أن نقول: وداعًا أيتها البنت العظيمة! لقد كنتِ بحق عظيمة في حياتك القصيرة، فما أندر مَن يتحلون بمثل صفاتك النبيلة وخصالك العظيمة. بل إننا لا نقول وداعًا بل نقول: إلى لقاء يا ابنتنا العزيزة! إلى لقاء في سماء لا مكان فيها للدموع والنحيب. وليتنا مثلك لا يتحدث سَفَرنا الذي هو قصير مهما طال، إلا عن عظمة في الحياة وعظمة في الموت.

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net