الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 27 يناير 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الذي نزل وصعد
ليس أحدٌ صعد إلى السماء إلا الذي نزل من السماء، ابن الإنسان الذي هو في السماء ( يو 3: 13 )
أيهما أعجب يا ترى: ابن الله في مذود بيت لحم كطفل صغير، أم ابن الإنسان عن يمين الآب في الأعالي؟ وأيهما أعجب وأروع: أن ترى المُشير العجيب الإله القدير رئيس السلام، الأب الأبدي (أو أب الأبدية) طفلاً يولد لنا وابنًا نُعطاه، أم ابن الإنسان، وفيه الناس المصنوعون من تراب الأرض، جالسًا عن يمين الله؟

إن رئيس الكهنة كان يدخل مرة واحدة كل سنة إلى قدس الأقداس، ولكن مَن ذا الذي كان يجرؤ أن يسكن هناك أو يتخذ مكانه بجوار الكاروبيم حيث يظهر مجد العل؟ أما يسوع، ابن الإنسان، فقد صعد إلى الأعالي، وبما له من سلطان خاص وحق شخصي مُضافًا إلى تعيين الآب وقضائه الأزلي، تبوأ العرش مُكللاً بالمجد والكرامة. فهو بأجنحة المحبة المُطلقة المقتدرة نزل من السماء، ولكن لكي يرجع إلى السماء ويجلس عن يمين العظمة ـ كرئيس الخلاص ـ لم تكن القدرة المطلقة والمحبة بكافيتين. لقد كان من السهل نسبيًا (إن جاز لي أن أستعمل هذا التعبير عن تلك المعجزة العُظمى) على ابن الله أن يُخلي نفسه وينزل إلى أرضنا، ولكنه لكي يرجع إلى السماء ـ كمَن أكمل العمل الذي لأجله نزل من السماء ـ كان لزامًا عليه أن يصطبغ بصبغة الآلام، وأن يموت موت الصليب على خشبة العار واللعنة!

فليس كالنزول كان الصعود، لأن الذي قَبِل بالنعمة المطلقة أن ينوب عنا، كان لزامًا عليه أن يحمل حملنا ويرفع جُرمنا ويهزم عدونا، ولذلك انحصرت نفسه أن يصطبغ بصبغته. ومن اللحظة التي ظهر فيها في أورشليم كان يعلم أن هيكل جسده المقدس سيُنقض وكان يتطلع إلى الموت الذي سيموته على خشبة الجلجثة.

وليس كما نزل صعد، لأنه جاء كابن الله ولكنه رجع ليس فقط كابن الله بل كابن الله المتجسد، ابن داود، والبكر بين إخوة كثيرين. وليس كما نزل صعد لأنه جاء وحده كالراعي الصالح مدفوعًا بدافع الحب والعطف الذي لا حد له نحو الخروف الضال الهالك في البرية، ولكنه رجع حاملاً ذلك الخروف على منكبيه فرحًا متهللاً باستحضاره إلى البيت السماوي الأبدي، ورجع ليس فقط منتصرًا، بل كمَن خرج باكيًا حاملاً البذار الثمين (وهو نفسه الذي زُرع إذ وضع حياته إلى التراب والموت)، ورجع بالترنم حاملاً حزمه.

أدولف سفير
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net