الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 16 أكتوبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إرميا الطائع
فتكلمهم بكل هذه الكلمات ولا يسمعون لك، وتدعوهم ولا يُجيبونك ( إر 7: 27 )
إننا غالبًا ما ننادي بأن الحياة المسيحية صالحة وإيجابية، تجذب إليها الكثيرين، بل وتحمل معها المكافآت. إننا نبشر بالمسيح الذي يعطي الرجاء، والفرح، والحياة الفائضة. وهو ـ له المجد ـ كذلك. إلا أننا ننسى مظهرًا ووجهًا آخر يتعلق باتباعه. والكتاب المقدس يعلمنا أن اتباعه له تكلفة ندفعها وطريق نحتمله وتدريب مستمر. فهناك مشقات ومُعاناة يقول عنها الرسول بولس لابنه تيموثاوس «احتمل المشقات كجندي صالح ليسوع المسيح» ( 2تي 2: 3 ). وهذا يتطلب قدرًا من المجهود طبعًا، كما قال الرسول بولس أيضًا «أمتد إلى ما هو قدام، أسعى نحو الغرض» ( في 3: 13 ، 14). واليوم هناك مَن يكرزون برسالة جماهيرية للرفاهية، والشفاء، والنجاح عن طريق الإيمان بالله. وفي هذا جزء من الحق حيث أن الإيمان هو المفتاح لنوال بركات الله. إلا أن هذا الطريق يتمركز حول الذات أكثر من تمركزه حول «الله» نفسه. وهناك حاجة للخضوع لله. إنه ـ تبارك اسمه ـ يريدنا في موقف الطاعة والتسليم، وإن كان ذلك مُكلفًا وشاقًا.

وإرميا الطائع الخاضع، لم تكن له شعبية بين شعبه، بل وُضع في الحبس وحتى الجوع. رُفض من عائلته، وكان ذلك لأنه تكلم بالحق من جهة قضاء الرب نحو شعب يهوذا وهم لم يريدوا أن يسمعوا هذه الرسالة الرادعة. لقد تعلم إرميا الطاعة لله حتى ولو قادته تلك الطاعة لخطة الله إلى مشارف الموت.

ولك أن تتصور أن الله قد أمرك بأن تدعو جيرانك إلى التوبة والرجوع عن طرقهم، وأنه طلب منك الاستمرار في ذلك حتى وأنت تعلم مقدمًا أنهم لن يتوبوا أو يرجعوا إلى الله، وبدلاً من ذلك فإنهم يستهزئون بك ويسخرون منك، بل وقد يلجأون إلى ضربك، ولا تأثير منك عليهم، لمدة تزيد عن 40 سنة وحتى يوم رقادك؛ فما هو رد فعلك إزاء هذه الدعوة؟ والحقيقة فإن القليلين منا هم الذين يقبلون ذلك.

إلا أن إرميا قَبِلَ التحدي، فلم يكن هو الشخص الذي يرفض كلمة الله. كان الشعب غارقًا في الفساد وفي الوثنية، متكلين على ذواتهم وعلى قوتهم، وعلى برهم الذاتي دون إيمان حقيقي بالله. هذا هو الشعب الذي كان على إرميا أن يدعوهم إلى التوبة والرجوع إلى الله. كاد أن يفشل، إلا أن هذا الفشل أنتج فيه نجاحًا في الإيمان بمواعيد الله وأغراض محبته.

بول مايلوناز
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net