الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 9 أكتوبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إيليا تحت الرتمة
أتى وجلس تحت رتمة وطلب الموت لنفسه ... وإذ بملاك قد مسّه وقال: قم وكُل... قُم وكُل، لأن المسافة كثيرة عليك ( 1مل 19: 4 - 7)
ماذا كان يعوز هذا النبي، الرجل الملآن نشاطًا، الذي لم يعرف للخوف معنى، الذي استطاع أن يواجه أخآب ويجابه إيزابل؟ لكن أتت لحظة فيها هرب بطل الإيمان خوفًا من وعيد إيزابل، تاركًا كل شيء وراءه، وهاربًا إلى البرية، وتمنى الموت لنفسه، ونام تحت الرتمة إلى أن أيقظه ملاك الرب، فوجد عند رأسه كوز ماء وكعكة رضفًا؛ فقام إيليا وأكل وعادت إليه قوته.

وما أجمل هذا الرمز إلى كلمة الله! وها النبي قد اكتشف الموارد التي جعلها الله في متناول ذراعه، فقام وأكل ثم اضطجع ثانية، ثم عاد الرسول السماوي وقال له: «قُم وكُل» فنفض عنه النبي النعاس وأكل ثانية.

وما أحوجنا إلى هذا الدرس في كل حين! وكم يلزمنا أن نتغذى بكلمة الله! إننا من اللحظة التي نشتاق فيها أن نكون في تماس مباشر مع الله لا نجد وسيلة توصلنا إليه إلا هذا الطعام السماوي، كلمة الله. وينبغي أن نتنبه للرجوع إلى هذه الكلمة للظفر بالتغذية منها، لكي نستمد القوة اللازمة لنا للوصول إلى نهاية سفرتنا، والوجود في حضرة الله.

شرع إيليا في المسير، وسافر طريقًا طويلاً، وماذا وجد في نهايته؟ ابتدأ يقدِّر نفسه ويقول عنها «بقيت أنا وحدي» لأشهد لك. لقد أحسن إيليا الظن في ذاته، وافتكر عنها فكرًا ساميًا، مع أن الذات أول شيء يجب هدمه وإذلاله. ومتى حسنت أفكارنا عن ذواتنا بخسنا الآخرين قدرهم، وانحطت أفكارنا عنهم، وأمسى إيليا مشتكيًا شعب الله. فأخذ الرب خدمته منه وأوصاه أن يسلمها لآخر، وتعلَّم إيليا أن حكم الله يختلف عن حكمه. أ لم يَقُل له الله إنه يوجد سبعة آلاف غير معروفين منه ولكنهم معروفون من الله؟

أمكن لإيليا أن يتعلم أمورًا كثيرة في حضرة الله لم يكن في مقدوره أن يتعلمها في مكان آخر، ولا كان في طوقه أن يصل إلى حوريب لولا اقتياته من طعام الله. أما نحن فحينما نجد أنفسنا في حضرة الله لا نلاقي إلا القضاء على الذات والحكم على ما نظنه في نفوسنا وما نظنه في غيرنا. وبماذا نظفر بعد الحكم على الذات؟ نظفر بالشيء الواحد: النعمة. سمع إيليا صوتًا خفيفًا منخفضًا لأن الدينونة عبرت بعبور الريح العاصفة والزلزلة والنار، وخرج النبي الآن إلى باب المغارة ليقابل إله النعمة.

هنري روسييه
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net