الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 19 نوفمبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
سمو صفات الله
صلبوه هناك مع المُذنبين.. فقال يسوع: يا أبتاه، اغفر لهم، لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون ( لو 23: 33 ، 34)
ما أعجب محبة الله التي نراها في هذا القول:«اغفر لهم .. لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون»! فالإنسان المجني عليه عادةً لا يرى في القضية وظروفها إلا أدلة الإدانة ضد الطرف الآخر. أما المسيح فبينما كان أعداؤه يوجعونه بالإساءات، كان هو ـ تبارك اسمه ـ يتلمس لهم المعاذير. فما أعجب محبة المسيح التي كانت بيان محبة الله غير المحدودة للخطاة! ( رو 5: 8 ).

وتُرينا هذه العبارة أيضًا رحمة الله التي ليس لها حدود. فمَنْ أولئك الذين كان المسيح يقصدهم بقوله «لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون»؟ بالتأكيد كان المسيح يقصد العسكر الرومان الذين قاموا بعملية الصلب ذاتها، لكنه كان يقصد غيرهم أيضًا. وعندما نصل إلى سفر الأعمال، الأصحاح الثالث، نجد بطرس يتكلم بالروح القدس إلى اليهود فيقول: «أنا أعلم أنكم بجهالة عملتم، كما رؤساؤكم أيضًا». فيا لرحمة المسيح الذي يعتبر صالبيه قاتلي نفس سهوًا، ويعتبر أن في فعلتهم هذه لم يكن أي عمد على الإطلاق!

ثم إن هذه العبارة تحدثنا أيضًا عن أناة الله. «يا أبتاه، اغفر لهم لأنهم لا يعلمون». إنهم في حاجة إلى غفران. والحاجة إلى غفران تتضمن مذنبيتهم، لكن لكي يتم الغفران تلزم توبتهم أولاً. وكأن المسيح بصلاته هذه أعطاهم فرصة للتوبة، وأتاح لهم الفرصة ليسمعوا الكرازة فتستيقظ ضمائرهم. ولولا أن الله سمع صلاة المسيح هذه لشقّ الأرض من تحت أقدامهم وجعلها تبتلعهم أحياء ولانتهى كل شيء بالنسبة لليهود في ذلك اليوم. لكن يا لأناة الله! فلقد نعمت أورشليم الشريرة العاصية بأن تسمع أخبار قيامة المسيح، ويُنَادى فيها، وعلى مدى أربعين عامًا، بأخبار الإنجيل المُفرحة، وترن في جنباتها أنغامه الشجية، قبل خرابها على يد تيطس الروماني.

لكننا أخيرًا نرى في هذه العبارة مقياس قداسة الله. «اغفر لهم ... لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون». وهذا معناه أنه حتى خطايا الجهالة والسهو تحتاج إلى غفران، وتحتاج إلى كفارة، وهو ما يُظهر سمو مقياس قداسة الله وبره، وبالتالي عُظم احتياجنا نحن. فإن كانت خطايا السهو يحاسب عليها الله، فماذا عن العمد؟! وبالإجمال ماذا نحن فاعلون أمام الله الذي هذا مقياس قداسته؟

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net