الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 8 نوفمبر 2008 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صنعَة العطار
وصنع دُهن المسحة مُقدسًا، والبخور العَطر نقيًا صنعة العطار ( خر 37: 29 )
يا له من جو مُنعش ومُبهج، ذلك الذي يعيش فيه العطار، فهو يحيا في وسط الروائح الذكية العطرية التي تُفرح النفس وتبهج القلب، هذا هو الجو الذي يليق بكل مسيحي حقيقي أن يحيا فيه، جو الشركة المقدسة التي تمتع النفس برائحة المسيح الذكية. وهذا يستلزم من المسيحي كل نشاط واجتهاد، فكما أن العطار يذهب مبكرًا إلى الجنات ليجمع الأزهار الجميلة ويقطف السوسن والناردين والحناء والورود والرياحين، هكذا المسيحي فإنه في شركة مباركة يدخل إلى جنة الملك «فتقطر أطيابها» ( نش 4: 16 ). وكلمة الله الحية هي للمؤمن أفضل وأجمل من جنة عدن لآدم، والعطار المسيحي إذ يبكر إليها ويدخل رياضها الجميلة، يجد في كل جزء من أجزائها ـ في كل سفر وفي كل كلمة منها ـ ما يفوق رائحة الأزهار العطرية.

والعطار لا يكتفي بجمع الرياحين من الجنات والفراديس، ولكنه في عُزلة عن الناس يستخرج منها الأطياب، فهو ذو صناعة دقيقة تحتاج لا إلى السهر فقط ولكن إلى الحكمة أيضًا «وصنع دُهن المسحة مقدسًا، والبخور العطر نقيًا صنعة العطار» ( خر 37: 29 )، هكذا المؤمن أيضًا فإنه لا يكتفي بالتأمل في كلمة الله وجمع الباقات الجميلة «طاقة فاغية» ( نش 1: !4) من المواعيد الإلهية، ولكنه يدخل إلى مخدعه ويغلق بابه خلفه، وفي خلوة سرية يسكب نفسه أمام الله ليظهر تأثير كلمة الله النقية في حياته العملية. حقًا ما أقل اهتمامنا بهذه الناحية، فقد نهتم بملء رؤوسنا بحقائق كتابية، دون أن نهتم ـ كما ينبغي ـ بسكب قلوبنا أمام عرش نعمة إلهنا حتى تتكيف حياتنا طبقًا للتعاليم الكتابية السامية.

وليس العطار صانعًا فقط ولكنه تاجر أيضًا «مَن هذه الطالعة من البرية ... مُعطرة بالمُرّ واللبان وبكل أذِرَّة التاجر» ( نش 3: 6 ). فهو لا يخلو بنفسه فقط ليستخرج الأطياب الثمينة والأدهان النفيسة، ولكنه يعرض أطيابه الثمينة على الآخرين. والمسيحي يجمع الورود والرياحين، السوسن والنرجس والناردين من كلمة الله، ثم يستخرج منها الأطياب والأدهان المقدسة داخل مقادس الشركة السرية، وأخيرًا يتسنى له أن يحمل رائحة المسيح العطرية إلى العالم المسكين فيُخبر بفضائل الذي دعاه من الظلمة إلى نوره العجيب.

و.ج. هوكنج
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net