الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 19 فبراير 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إرميا الخاضع
أما أنتَ فنطِّق حقويك وقُم وكلمهم بكل ما آمرك به. لا ترتع من وجوههم لئلا أُريعك أمامهم ( إر 1: 17 )
لم يكن إرميا يرغب في أن يكون مُرسلاً من الله، بالرغم من الضمانات التي أعطاه إياها الرب الذي قال له: «قبلما صورتك في البطن عرفتك، وقبلما خرجت من الرَّحم قدستك، جعلتك نبيًا للشعوب» ( إر 1: 5 ). فلقد تعيَّن لغرض محدد «إلى كل مَن أُرسلك إليه تذهب وتتكلم بكل ما آمُركَ به» (ع7). كان الدرس الأول هو أن يتخلى عن خططه، وتحل خطط الله بدلاً منها دون خوف أو تردد.

لقد اعترض في البداية وقال: «لا أعرف أن أتكلم لأني ولدٌ» (ع6). والله لم يحتقر مخاوفه أو يزدري به، فهل اختار شخصًا غيره لهذه المُهمة، كلا، بل أكد له قائلاً: «لا تخف من وجوههم، لأني أنا معك لأنقذك» (ع8). ولكم تشجعنا تلك الكلمات حينما نعلم أن الله يريدنا أن نعمل عملاً شاقًا.

وإذ أعلن الله خطته، تعلَّم إرميا أن له غرضًا ليحققه عيَّنه له الله من قبل أن يولد، وهو مهتم بحياته. وهكذا الحال معنا حينما نُدعى لعملٍ، فهو يعطينا المصادر لذلك العمل. لقد اختاره الرب ووضع كلماته في فمه «ها قد جعلت كلامي في فمك. انظر! قد وكّلتك هذا اليوم على الشعوب وعلى الممالك، لتقلع وتهدم وتهلك وتنقض وتبني وتغرس» (ع9، 10). قبل هذا التصريح نظر إلى نفسه وإمكانياته، ولكن حالما سمع ذلك التصريح الإلهي، فقد تخلى عن خططه الخاصة، ومخاوفه.

أدرك إرميا حينئذٍ أن دعوته ليست سهلة وهيّنة، فسيكون في وضع لا يُحسد عليه بين أنبياء عصره. فقد حذّره الرب قائلاً: «فتكلمهم بكل هذه الكلمات ولا يسمعون لك، وتدعوهم ولا يُجيبونك» ( إر 7: 27 ). ولقد نهاه أيضًا عن الصلاة من أجلهم لأنه لن يستجيب لها ( إر 7: 16 ؛ 11: 14؛ 14: 11). لذلك فقد ترك مستقبله بين يدي الله. وماذا عنك عزيزي القارئ؟ وماذا عن خططك؟ ماذا اختار الله لك؟ وهل تخضع له تاركًا له قيادة حياتك في مستقبل الأيام؟

من الصعب أن نقوم بمهمة نعلم مقدمًا فشلنا فيها. في مجتمعاتنا نجد أن نجاحنا مقياس أولي لقيمتنا وأكبر مصدر لمصداقيتنا. إلا أن إرميا وقد تيقن بأن محبته لشعبه لم تكن لتبدِّل سلوكياتهم ومستقبلهم بقبول وصايا الله لهم، فقد قَبِلَ الفشل في عيني العالم، وتعلَّم النجاح في عيني الله بشكل أفضل.

بول مايلوناز
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net