الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 19 مايو 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
مشهدان وداعيان
... ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء ( أع 1: 11 )
يلذ لنا أن نتأمل ـ على سبيل المفارقة ـ في مشهدين وداعيين، حدَّثنا عنهما لوقا الطبيب الحبيب في كتاباته للعزيز ثاوفيلس:

المشهد الأول: بولس في ميليتس ( أع 20: 17 - 38). كان بولس في ميناء ميليتس، ومن هناك أرسل واستدعى قسوس كنيسة أفسس، وحدَّثهم حديثًا جميلاً عن خدمته بينهم وتعبه لأجلهم. وفي ختام ذلك الحديث الحلو، جثا الجميع على ركبهم وصلُّوا. إلا أن ذلك المشهد الوداعي اتسم بطابع الحزن الشديد ( أع 20: 37 ، 38). ونظرًا لأن بولس هو الإناء الذي استخدمه الرب لاستنارتهم، بالإضافة إلى أنه قضى بينهم وقتًا طويلاً حسب قوله لهم: «متذكرين أني ثلاث سنين، ليلاً ونهارًا، لم أفتُر أن أنذر بدموع كل واحدٍ» ( أع 20: 31 )، فقد تولّدت لديهم محبة قوية جدًا نحو بولس، من ثم كان وقع العبارة التي قالها بولس: «والآن ها أنا أعلم أنكم لا ترون وجهي أيضًا» ( أع 20: 25 )، وقعًا مؤلمًا جدًا، وموجعًا لأبعد الحدود. وإذ علموا أنهم لن يروا وجهه ثانيةً، بكوا بكاءً عظيمًا.

المشهد الثاني: صعود المسيح ( لو 24: 50 - 52). لقد أخرج الرب تلاميذه من أورشليم إلى بيت عنيا، وهناك «رفع يديه وباركهم، وفيما هو يباركهم، انفرد عنهم، وأُصعد إلى السماء» ( لو 24: 50 ، 51). ولقد حمل هذا المشهد الوداعي تأثيرًا طيبًا ومباركًا للتلاميذ، فسجل الكاتب ردّ فعلهم وقال: «فسجدوا، ورجعوا إلى أورشليم بفرحٍ عظيم» ( لو 24: 52 ). تُرى ما هي أسباب هذا الفرح؟ بالتأكيد هو أولاً، كلام سيدهم المُشجع لهم: «وها أنا معكم كل الأيام إلى انقضاء الدهر» ( مت 28: 20 ). إلا أن هناك سببًا قويًا يكشفه لنا سفر أعمال الرسل، وهو كلام الملاكين: «وقالا أيها الرجال الجليليون: ما بالكم واقفين تنظرون إلى السماء؟ إن يسوع هذا الذي ارتفع عنكم إلى السماء، سيأتي هكذا كما رأيتموه منطلقًا إلى السماء» ( أع 1: 11 ).

إذًا، لقد بكى قسوس أفسس بكاءً عظيمًا، لأنهم لن يروا ثانية (بالجسد) مَن أحبوه، بينما فرح التلاميذ فرحًا عظيمًا، لأن أمامهم رجاء مجيء سيدهم ثانيةً من السماء. ونحن بدورنا نشكر الله من أعماق قلوبنا لأن أمامنا رجاءً حيًا، وبقوة هذا الرجاء نحيا، وبدونه ما كان لحياتنا أية قيمة.

عادل حبيب
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net