الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 2 يوليو 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود في مدرسة الله
فذهب داود من هناك ونجا إلى مغارة عدُلام ( 1صم 22: 1 )
ما كاد داود يخرج من عُزلة التدريب السري في البرية، حتى ظهر في ميدان القتال في وادي البُطم. وما أن أتمَّ عمله هناك حتى دُعيَ ثانيةً ليتعلم دروسًا أعمق واختبارات أسمى وأدق، في مدرسة الله.

إن دروس الرب دائمًا مؤلمة وصعبة بالنسبة لصلابة رقابنا وتمرُّد قلوبنا، ولكن كل درس نحفظه وكل مبدأ ندركه، إنما يؤهلنا لِما ينتظرنا في الغد. وإنها لسعادة حقيقية أن نكون تلاميذ المسيح وأن نسلِّم له ذواتنا لكي يدربنا ويهذبنا ويرقينا ويهذبنا، والنتيجة هي سعادة نفوسنا في الخضوع في كل شيء للمسيح الذي قال: «تعالوا إليَّ يا جميع المُتعبين والثقيلي الأحمال، وأنا أُريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلَّموا مني، لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحةً لنفوسكم. لأن نيري هيِّن وحملي خفيف» ( مت 11: 28 - 30).

وهناك ثلاثة أنواع من الراحة وردت في الكتاب المقدس: الأولى، هي الراحة التي نجدها كخطاة في كمال عمل المسيح الذي تمّ. الثانية، هي الراحة الحاضرة التي نجدها كمؤمنين عندما نخضع تمامًا لإرادة الله، وهي عكس الضَجَر والقلق. والثالثة، هي الراحة التي بقيت لشعب الله.

ولقد عرف داود بركة الراحة الثانية، إذ كان خاضعًا بكُليته لفكر الله وإرادته بخصوص المملكة، وكان راضيًا بانتظار ساعة الله لثقته بأنها خير الساعات وأعظمها. وفي هذا الخضوع راحة حقيقية للإنسان من تعب القلب الكثير والقلق المُضني. ولا شك أن نفوسنا تستريح تمامًا إذا سارت في الطريق وهي واثقة بأن «كل الأشياء تعمل معًا للخير»، ولا حاجة لرسم الخطط لأنفسنا متى تيقنا أن الله يرسم لنا خير الخطط، وراحتنا تقوم في ترك كل شيء بين يديه. ولكن، ويا للأسف، كم مرة تنعكس هذه الآية معنا، بل كم مرة يُخيَّل إلينا عبثًا بأننا نستطيع أن ندبر أمورنا خيرًا من الله. قد لا نقول ذلك صراحةً، ولكننا في الحقيقة نقرّ ونعمل هكذا. يا ليت الرب يَهَبنا خضوعًا أكثر، وثقة أعظم مما لنا الآن حتى لا نقع في هذه التجربة المُرَّة.

إن هذا الخضوع في نفس داود، هو الذي جعله يذعن لإرادة الله بالتنحي عن العرش والسُكنى في مغارة عدلام المُقفرة، فترك شاول، وترك المملكة، بل ترك حتى مصير نفسه في يدي الله، موقنًا بالانتصار في النهاية.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net