الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 24 يوليو 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
يسوع مثالنا
فحدث نوءُ ريحٍ عظيمٌ... وكان هو في المؤخر على وسادة نائمًا. فأيقظوه وقالوا له: يا معلم، أَمَا يهمك أننا نهلك؟ ( مر 4: 37 ، 38)
جميل أن نرى الرب مع شعوره بالزوبعة ينام مستريحًا على وسادة، وينام نومًا هنيئًا هادئًا، بينما الأمواج تضرب إلى السفينة، والمخاوف تملأ قلوب تلاميذه.

فما أجمل الفرق بينه وبينهم، فهو لم يكن غير مُكترث أو غير مُبالِ بأخطارهم، ولا كان ناقصًا في محبته لهم كما زَعَموا، وهذا الفرق لم يتأت من كونه ابن الله القدير، بل كإنسان استراح واثقًا في قوة الله وعنايته به وهو في الزوبعة، وحبذا لو تمثل به تلاميذه كما هو مكتوب: «يُعطي حبيبه نومًا» ( مز 127: 2 ). فهو من هذا الوجه مثال البساطة والاتكال الكُلي على الله، وهو رئيس الإيمان ومُكمله، هذا الذي استطاع أن يقول: «بسلامة أضطجع بل أيضًا أنام، لأنك أنت يا رب منفردًا في طمأنينةٍ تُسكنني» ( مز 4: 8 ).

ألا نجد فيه توبيخًا لقلقنا وانزعاجنا، فمخاوف التلاميذ ورُعبهم لم يغير من حالتهم «ومَن منكم إذا اهتم يقدر أن يزيد على قامته ذراعًا واحدة؟» ( مت 6: 27 ). وبكل احترام نقول: إنهم لو غرقوا، كان هو سيغرق معهم، وإن لم تقصر رعاية الله من نحوه، فلا يمكن أن تقصر من نحوهم، غير أنه هو امتاز عنهم بأن استودع حياته بين يدي الآب واثقًا فيه.

وما أهنأ النتيجة الناشئة عن ثقته هذه! فهو يصلي في مزمور16 قائلاً: «احفظني يا الله لأني عليك توكلت». وكانت ثمرة هذا الاتكال أن يقول: «الرب نصيبُ قسمتي وكأسي. أنت قابضُ قرعتي. حبالٌ وقعت لي في النُّعماء، فالميراث حسنٌ عندي ... فلا أتزعزع ... جسدي أيضًا يسكنُ مطمئنًا».

فلم نجد حياة بشرية جمعت على قصرها آلامًا ومِحنًا نظير حياة المسيح، فهو اتخذ الله نصيبه ليُعينه ويعضده. ونحن القديسين الضعفاء لنا ربنا نصيبًا، فهل نحن نجعل أنفسنا وإياه واحدًا واجدين مواردنا في الله وينابيعنا فيه، فنقول في وسط زوبعة بحر الجليل «حبالٌ وقعت لي في النُّعماء».

يا ليت الرب يعيننا لكي نستيقظ وننام واضعين ثقتنا وراحتنا في قوة الله، فمهما عجَّت الأمواج وقامت الزوابع واشتد النوء وتعاظم، فلنعلم أن هذه بركات مُستترة أجازنا الرب فيها لكي يشدد إيماننا، ويجعل شهادتنا مُنيرة إلى أن نصل إلى الشاطئ الآخر من الحياة.

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net