الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 11 سبتمبر 2009 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الإناء في الفخاري والفخاري في الإناء
ففسدَ الوعاء الذي كان يصنعه من الطين بيد الفخاري، فعادَ وعملَهُ وعاءً آخر كما حسنُ في عيني الفخاري أن يصنعه ( إر 18: 4 )
هل وقفنا يومًا في بيت الفخاري وشاهدناه وهو يشتغل على الدولاب؟ إن الصانع يأخذ كتلة الطين، ثم يضغطها في الدولاب، وتدور العجلة أمام عينيه. وهنا أسأل: أين الإناء الآن؟ إنه في فكر الفخاري قبل أن يتشكَّل. إن التصميم موجود هناك، وأصابعه تشكِّل الكتلة التي أمامه. وبالتدريج يتشكل الوعاء أمام عينيه، وبالتدريج ينتقل الفكر الذي في ذهنه إلى الطين. وهكذا تظهر الأفكار التي كانت حتى الآن غير مُعبَّر عنها، في الإناء الذي شكَّلته أصابعه.

إنه يرى عيبًا في الإناء، نقصًا في الطين، بينما الآخرون وهم ناظرون لم يكتشفوا هذا العيب كما في عين الصانع الماهر. لذلك فهو يسحق الطين تحت يديه إلى كتلة لا شكل لها مرة أخرى. ثم مرة أخرى تصوغها أصابعه وتشكّلها إلى قصده. ومرارًا وتكرارًا تظهر العيوب وبالتالي يتحول الطين إلى كتلة لا شكل لها، إلى أن تظهر أمامه أخيرًا في كمال التصميم الذي قصَدَه. وهكذا يعاينها برضى وفخر. ثم يرفعها من العَجلة أو الدولاب لتأخذ مكانًا بين نفائس الأشياء التي في الأرض من حولها. ومرة أخرى أسأل: أين كان الإناء قبل أن يبدأ الفخاري في العمل؟ كان في الفخاري! وأين الفخاري الآن؟ إنه في الإناء! فكل ما صممه فكره وصنعه يُرى هناك. لقد أصبح الإناء موافقًا لِما قَصَده الصانع.

وهذا هو تاريخ النفس. إن الطين هو في يد الفخاري، وأصابعه تشكّله، لكنه تلف وفسَدَ. وهكذا يحتاج الطين إلى المزيد من مُعالجة يد الفخاري ومهارته الصابرة. إنه لم يصبح بعد ناعمًا ولا حتى لينًا في يده. لذلك يسحقه مرة بعد الأخرى. إن الإناء الكامل كان ماثلاً في فكره وقصده قبل أن تأخذ يده الطين وتضعه فوق الدولاب. وحينما ينجز العمل بأكمله، يكون قد نقل فكره بمهارة لا تخطئ إلى الطين. وهكذا يُرَى الفخاري الآن في عمل يديه، آنية رحمة قد سبق فأعدها للمجد.

وكم نحن في مسيس الحاجة كمؤمنين، بينما تأخذ عمليات السحق المتكرر مجراها فينا، أن نعرف التفسير الصحيح لهذه الأعمال الماهرة ليد الفخاري! فكم من المرات نُسيء فهم هذه الدروس، أو لا نفهمها على الإطلاق! ليتنا نُخضع ذواتنا لمعاملات الرب معنا وننتظر عاقبة الرب. إذ نعرف أن كل الأشياء تعمل معًا للخير للذين يحبون الله، المدعوون حسب قصده.

ف.ج. باترسون
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net