الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 21 يناير 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هامان ومردخاي
فأخذ هامان اللباس والفرس وألبسَ مردخاي وأركبه في ساحة المدينة، ونادى قدامه: هكذا يُصنع للرجل الذي يُسرُّ الملك بأن يُكرمه ( أس 6: 11 )
مَن كان يظن ويحسب أن أشرف قطب في مملكة أحشويرش؛ سليل بيت أجاج، يضطر صاغرًا أن يقف في خدمة ذلك اليهودي المسكين الذليل.  حقًا إن يد القدير في الأمر، ومَن ذا الذي ينكر هذا الحق الصريح إلا الكافر والمُلحد والعقلي.

ولنتأمل لحيظة في كبرياء هامان ذلك العاتي، الذي رغم مجده وغناه وسؤدده، قد انجرح قلبه في أمر ضعيف لا يليق بعقل كبير أن يفكر فيه أو قلب مستقيم أن يتأمله. إن عِلة بؤسه وشقائه كانت في رفض مردخاي أن يسجد له. فمع أن الملك قد ائتمنه كثيرًا، وجعله من أقرب المقرَّبين إلى العرش، ورغمًا عن ثروته ومركزه الملوكي، قال لزوجته: «وكل هذا لا يساوي عندي شيئًا كلما أرى مردخاي اليهودي جالسًا في باب الملك» ( أس 5: 13 ). تعسًا لك أيها الإنسان، فقد أوتيت أسمى المراكز، والغنى الوفير، وأوسع الدوائر نفوذًا، وأشرف الألقاب، وحُزت الرضا الملوكي، ومع ذلك فكل هذا لا يساوي شيئًا لأن إنسانًا يهوديًا مسكينًا رفض السجود لك! هذا هو القلب البشري، وهذا هو الإنسان، وهذا هو العالم!

«قبل الكسر الكبرياء، وقبل السقوط تشامخ الروح» ( أم 16: 18 )، ولنا في هامان البرهان على هذا. فتراه بينما يتسامى في مطامعه ويحلِّق فوق قمة مطامحه، نرى عناية الله المنتقمة تلزمه بأن يعِدّ لمردخاي سبيل النصر على أحسن أسلوب، ويهيء الخشبة لنفسه، وترغمه أن يخدم إنسانًا كان مجرد مثوله أمام عينيه سبب مرارة لحياة عظمته وأبهته، وتجعل الخشبة التي أعدها لإماتة فريسته المقصودة، تُستخدم في إعدامه.

ولنسأل ما السبب الذي حمل مردخاي أن يأبى السجود لهامان؟ أمَا كان يُحسب منه هذا عنادًا أعمى في رفضه تقديم الكرامة المطلوبة لأكبر شريف وأسمى موظف؟ إن رفضه لم يكن عنادًا. صحيح أن هامان أسمى موظف في بلاط أحشويرش، ولكنه كان أعظم عدو للرب وعدو لليهود. قد كان من نسل عماليق الذي جاء عنه: «للرب حربٌ مع عماليق من دورٍ إلى دورٍ» ( خر 17: 16 ). فكيف يستطيع ابن حقيقي لإبراهيم أن يسجد لإنسان هو ويهوه في حرب عوان؟ هيهات هيهات، فقد ساغ لمردخاي أن يخلِّص حياة أحشويرش، إلا أنه لا يسجد للعماليقي، وكيهودي أمين صار قريبًا من إله آبائه، ولم يقبل أن يقدم التحية والإجلال لنسل عماليق.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net