الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 21 مارس 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الرب يسوع أمام هيرودس
وأما هيرودس فلما رأى يسوع فرح جدًا ... وترجَّى أن يرى آية تُصنع منه. وسأله بكلامٍ كثير فلم يُجبه بشيءٍ ( لو 23: 8 ، 9)
كون هيرودس «فرح جدًا» يُرينا قلب الإنسان، وكم يمكن أن يتحول إلى البرودة، لأن أي قلب بقيَ فيه أثر من عاطفة إنسانية، لا يمكن أن يجد في منظر «رجل الأحزان» موضوع فرح. لكن ها هو هيرودس رجل خاوي القلب يطلب أن يجد في ابن الله الذي صار جسدًا، غرضًا يُشبع نهمه للترفيه واللهو الذي لا ينتهي. وأقل مشاركة في هذه النوازع الفاسدة، لا تتفق مُطلقًا مع كرامة وعظمة ذاك الذي في اتضاعه ظل هو الله. «وسأله (هيرودس) بكلامٍ كثيرٍ فلم يُجبه بشيء»، ومن أجل هذا الصمت، وقف رؤساء الكهنة والكتبة يشتكون عليه باشتداد. فاحتقره هيرودس مع عسكره، واستهزأ به، وأرسله إلى بيلاطس بعد أن ألبسه لباسًا لامعًا. وفي ذلك اليوم صار بيلاطس وهيرودس صديقين مع بعضهما، لأنهما كانا من قبل في عداوةٍ بينهما. لقد اتفقوا جميعًا، وهكذا يحدث في بعض الأحيان أن العداوة لله والتمرد عليه، يوحدّان الناس مع بعضهما!!

وماذا كان يعني ذلك اللباس اللامع، الذي يبدو أن هيرودس شخصيًا هو الذي لفه حول الرب؟ يُقال إن هذا اللباس الأبيض اللامع في ذلك الوقت، كان يدل على أن لابسه يطمع في مركز سياسي عظيم، وطبعًا كان هذا من جانب هيرودس تهكمًا مُرًا ومُجازاة للإدعاءات اليهودية ضد الرب يسوع: «قائلاً: إنه هو مسيحٌ ملكٌ» ( لو 22: 2 ). على أن الرب لم يكن الشخص الذي يرشح نفسه لهذا المركز، لأنه هو صاحب الحق الشرعي في عرش داود والعالم، ولم ينكر هذه الحقائق، وكان في سلطانه أن يؤكد حقوقه، لكنه بالنعمة شاء أن يصمت، وسوف يستمر ساكتًا «إلى أن يدخل ملء الأمم» ( رو 11: 25 ). وحينئذٍ سوف يأتي إلى هذه الأرض «بقوة ومجدٍ كثيرٍ» ( مت 24: 30 )، حينذاك لن يكون بعد «مكرُوه الأمة عبد المتسلِّطين» ( إش 49: 7 )، بل «يتعالى ويرتقي ويتسامى جدًا .. من أجله يَسُد ملوكٌ أفواههم، لأنهم قد أبصروا ما لم يُخبروا به، وما لم يسمعوه فهموه» ( إش 52: 13 ، 15). وكما تحمَّل بصبر تهكمات هذا الملك، هكذا من أجله يسدُّ ملوكٌ أفواههم. وكلما اجتهد الإيمان أن يتبعه في تواضعه العميق، كلما ابتهج في ذلك اليوم ـ وهو ليس ببعيد ـ حينما نكون، مع جميع المفديين، شهود غلبته ونُصرته.

فريتز فون كيتسل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net