وكأنما إنسانٌ مسافر دعا عبيده وسلمهم أمواله، فأعطى واحدًا خمس وزنات، وآخر وزنتين، وآخر وزنة. كل واحدٍ على قدر طاقته ( مت 25: 14 ، 15)
السيد في مَثَل الوزنات (أي الرب يسوع المسيح) صاحب سلطان مُطلق، كما أنه الحكيم وحده، ولهذا فقد أعطى لكل واحد من عبيده وزنات تتكافأ مع طاقته وقدرته. وكل واحد منهم كان يصلح للخدمة التي كُلف بها، ولم يكن مطلوبًا منه سوى أن يكون أمينًا ومجتهدًا في أدائها. ولم يكن من حق العبد أن يختار خمس وزنات أو وزنتين أو وزنة واحدة، أو لا يأخذ شيئًا على الإطلاق، إذا رأى في نفسه أنه لا يستطيع أن يتمم أية خدمة. السيد هو الذي يحدد العمل الذي يقوم به الخادم، وهو لم يحرم أي عبد من الخدمة، ولا أعطى أحدًا فوق طاقته.
ونلاحظ أن السيد لم يطلب من عبيده الاتجار، لكن العبيد الأمناء بدافع محبتهم لسيدهم وولائهم له، تاجروا بالفضة وربحوا أخرى. ولقد ظهرت ثقتهم في سيدهم، فعملوا لحسابه دون طلب منه.
ويرى البعض أن الكلمة التي تختم العدد (15) مكانها الطبيعي في بداية العدد16. فيقرأون الآية هكذا: «للوقت مضى الذي أخذ الخمس وزنات». فالذي أخذ الخمس وزنات لم يضيع الوقت، بل افتداه ( أف 5: 16 ). وهو يذكِّرنا بشاول الطرسوسي، الذي بمجرد أن تعرَّف بالرب، يقول الوحي: «وللوقت جعل يكرز في المجامع بالمسيح أن هذا هو ابن الله» ( أع 9: 20 )، وعن هذا يقول بولس نفسه: «لما سَرَّ الله الذي أفرزني من بطن أمي، ودعاني بنعمته أن يُعلن ابنه فيَّ، لأُبشر به بين الأمم، للوقت لم أستشر لحمًا ودمًا» ( غل 1: 15 ، 16).
والتجارة والربح في هذا المَثَل تعني نشر بشارة الإنجيل، وربح نفوس للمسيح. وعلى كل المؤمنين أن يكونوا قنوات بركة، وبواسطة شهادتهم تخلص نفوس من الخطية. ومن المهم أن نتّجر بالوزنات التي أعطاها لنا سيدنا. يقول الرسول: «جدّوا للمواهب الحُسنى» ( 1كو 12: 31 ). ويطلب أيضًا من ابنه تيموثاوس أن «يضرم موهبة الله التي فيه» ( 2تي 1: 6 ). وهناك خطورة من عدم استخدام الوزنات، فيقول الرسول لتيموثاوس أيضًا: «لا تُهمل الموهبة التي فيك» ( 1تي 4: 14 ).
وحقًا ما أكثر ما يمكن للإنسان أن يقدم من أعذار لعدم إتمام خدمته: مسؤولية الوظيفة، مسؤولية العائلة، عدم ترحيب الإخوة، أو عدم تعاونهم، .. لكن المؤمن المنحصر بمحبة المسيح لا يعترف بأي من هذه الأعذار التي تقدمها النفس الميَّالة للراحة.