الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 23 مارس 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
بكى يسوع!
فلما رآها يسوع تبكي، واليهود الذين جاءوا معها يبكون، انزعج بالروح واضطرب .. بكى يسوع ( يو 11: 33 - 35)
أي تعزية في هذا للقلب المنكسر الحزين! منظر الدموع البشرية، وإذ تخرج من قلب ابن الله المُحب الرقيق الحنَّان العطوف، أنّة شديدة تنفَّس بها قلبه المُحب! يا ليت يتذكر هذا جميع النائحين. لم يوبخ الرب مريم لأجل بكائها، ولم يَنْح عليها باللائمة بسبب حزنها، لم يزجرها على إظهار الشعور بألمها لأن هذه لهجة قساة القلوب وليس المسيح، نعم هذه لغة عديمي الشعور، أما يسوع فيعرف أفضل منهم، فهو إنسان حقيقي مع كونه ابن الله، شعر كما يشعر الإنسان، وعلم ما لا بد أن يشعر به الحزين أثناء اجتيازه وادي الدموع المُظلم. كم منا يتشدقون بالترفع فوق الطبيعة، وأنه لا يليق الشعور بانقطاع صِلات القرابة بالموت، ويضربون على هذه الوتيرة، ولكن هل هذا من الحكمة؟ إننا لسنا في شركة مع قلب الإنسان يسوع المسيح. وشتَّان بين النظريات الخلاّبة والأقوال الفتّانة وشقشقة الألفاظ، وبين الاجتياز فعلاً في مياه الأحزان العميقة والوحشة التي يتدرب القلب من جرائها بحسب فكر الله. يحدث أحيانًا أن الذين يرفعون عقيرتهم ضد الطبيعة، يُرون نظير غيرهم بالتمام متى أصابهم المرض وحلّ بهم الحزن ونزل بهم الضيق وحاقت بهم الخسائر. وإنه من المهم أن نقابل حقائق الحياة العملية القاسية بقلوب خاضعة لله، أما النظريات الموشاة فلا تستطيع أن تقف ضد الحزن الحقيقي، وتقاوم التجارب والمصائب. ومن الضلال المُبين أن تنهي أُناسًا لهم قلوب بشرية عن الشعور والحِس. فالله يقصد أن نشعر بالحزن، وربنا يسوع يرثي لنا ويرِّق لنفوسنا. وكم في هذه الفكرة من التعزية لتفريج الكروب وتخفيف المصائب!

فلا يغرب عن ذهن الحزانى هذا الحق لتعزيتهم: «الله الذي يعزي المتضعين» ( 2كو 7: 6 )، وما أنفس أن نرى يد رئيس الكهنة العظيم تجبر الكسر وتعصب الجرح!

«انزعج يسوع» و«بكى يسوع» .. يا لها من قوة! بل يا لها من حلاوة إلهية مودعَة في هذه الكلمات، التي لو خلا الوحي منها لوُجد فيه فراغ كبير. إننا لا نستغني عنها، لذلك تنازل إلهنا الحنَّان بأن أدرجها بالروح ضمن كتابة، هذه الكلمات الكريمة الغالية، كلمات التعزية والسلوان، كلمات التشجيع والتعضيد لكل مَن تطأ قدماه غرفة الأحزان، أو يقف عند قبر حبيب.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net