الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 18 مايو 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الألم والشركة
وجدتُ مَن تحبه نفسي، فأمسكته ولم أَرخِهِ ( نش 3: 4 )
على مرّ العصور كان للألم دور عظيم في حياة أولاد الله لتعميق شركتهم معه. فكم من مؤمنين عاشوا مكتفين بمستويات من الشركة ضَحلة للغاية، وكانت مسرات العالم أو مشاغل وهموم الحياة تستحوذ على كل تفكيرهم، فلم تبقَ لهم رغبة لتعميق شركتهم مع الله، وإن حدث هذا أحيانًا فلا يكون إلا لبضعة أيام عقب نهضة أو حضور مؤتمر، ثم يذهب كل شيء سريعًا لحاله ويعود الأمر لِما كان عليه. لقد كان الذهاب للاجتماع أو رحلة مع الكنيسة أو حضور مؤتمر أو قراءة فصل من كلمة الله، هي كل مظاهر شركتهم مع الله، إلى أن سمح الرب المحب الحكيم بقسط محسوب من الآلام، فكان بمثابة الشوكة التي وخزتهم فأيقظتهم من سُباتهم صارخين، ليلقوا بأنفسهم في حضنه، وبعد أن نَعموا بدفء هذا الحضن العظيم، لم يستطيعوا الحياة بعيدًا عنه بشبرٍ واحد؛ سواء كانت هناك آلام تدفعهم إليه أو لا توجد. أو قد كانت الآلام كالمثقب الذي ثقب قلوبهم فأفرغ ما فيها من محبة للعالم، وتركها فارغة تصرخ بحثًا عن إلهها ليضمد الجرح ويملأ الفراغ، وبعد أن استشعروا روعة هذا الامتلاء لم يضحوا به إطلاقًا مهما كان الإغراء. أوَ كان الألم كالحفار الذي حفر نفوسهم جبابًا جبابًا، مُعدًا مكانًا لسيل المياه القادمة، والتي أتت من قبل مرارًا، ولكنها مع الأسف عادت إذ لم تجد لها مكان استقرار، أما الآن فهي لم تستقر فقط، بل إنها صارت تجري من بطونهم أنهارًا غِزار.

أسوق لك مثلاً واحدًا من مزمور42 وهو من مزامير الشركة الشهيرة. في هذا المزمور نجد أن الشركة مع الله بالنسبة لكاتبه، كانت لا تزيد عن كونها زيارات سنوية في الأعياد لبيت الله، وقد عبَّر عن هذا بقوله: «كنت أمُرُّ مع الجُمَّاع، أتدرج معهم إلى بيت الله بصوتِ ترنُّمٍ وحمدٍ، جمهورٌ مُعيِّدٌ». واستمر الوضع هكذا إلى أن سمح له الرب بالالتحاق بمدرسة الألم، إذ قد طُرد من أرضه وعانى في السبي من تعيير المضايقين كل يوم حتى انسحقت عظامه وانحنت نفسه. وعندئذٍ حدث التحول العجيب إذ نراه يشتاق لا إلى شعب الله وترانيمه، ولا إلى بيت الله وأعياده، بل يعطش إلى الله نفسه ونسمعه يقول: «كما يشتاق الإيَّل إلى جداول المياه، هكذا تشتاق نفسي إليك يا الله. عطشت نفسي إلى الله، إلى الإله الحي، متى أَجيءُ وأتراءى قدام الله؟».

ماهر صموئيل
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net