الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 مايو 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
راعوث واختيارها
فقالت راعوث: لا تلحِّي عليَّ أن أتركك وأرجع عنكِ، لأنه حيثما ذهبتِ أذهب وحيثما بتِ أبيت. شعبك شعبي وإلهك إلهي ( را 1: 16 )
إن اختيار راعوث هذا في نظر الإنسان العالمي هو حماقة شديدة. فأن تترك راحة موآب ومسرات البيت وأرض ميلادها، لتتخذ رحلة برية لا تعلم عنها شيئًا، إلى أرض لم تَرها من قبل، لترافق أرملة فقيرة مكسورة الخاطر، أ ليس هذا هو قمة الغباء؟! على كلٍ فهذه هي بداية القصة، ولم تأتِ نهايتها بعد. إنه لم يُظهَر بعد ماذا سوف تكون. إن الإيمان في خطوته الأولى يبدأ في ظروف من الفقر والضعف، ولكن في النهاية يتبرر الإيمان وتكون له مكافأته المُشرقة في ظروف القوة والمجد. إنه في بداية القصة ارتبطت راعوث بقلب كامل مع أرملة متقدمة ووحيدة، وفي النهاية استُعلنت كعروس لبوعز جبار البأس الغني، وأكثر من ذلك فإن اسمها يأتي في سلسلة نَسَب الرب يسوع.

وموسى في يومه، مع كل امتياز الطبيعة الممنوح له، ومع كل مجد هذا العالم الذي كان أمامه، أصبح مثالاً لامعًا للإيمان؛ فقد أدار ظهره لمسرات الخطية وكنوز مصر، حاسبًا عار المسيح غنى أعظم من خزائن مصر. إنه ترك العالم وكل أمجاده ليجد نفسه في مشهد البرية رفيقًا لشعب فقير ومتألم. وفي نظر العالم فإن هذا غباء مُطلق! ولكن في يومه يقول الإيمان: «لم يُظهر بعدُ ماذا سنكون» ( 1يو 3: 2 ). ويجب على الإيمان أن ينتظر ستة عشر قرنًا قبل ان يُظهَر ماذا سيكون. وقد سُمح لنا أن نرى ظهور موسى في المجد على جبل التجلي، في شركة مع ابن الإنسان، ومنظر المجد هذا سوف لا يخفت. وفي النهاية يدخل موسى إلى أمجاد الملكوت الآتي، في شركة مع ملك الملوك، لكي يظهر أن أمجاد هذا العالم التي رفضها، إنما كانت صغيرة بالفعل إذا قورنت بثقل المجد الذي اكتسبه.

كذلك في يومنا، فإن طريق الإيمان يبدو في نظر العالم قمة الغباء. أن ترفض مجد العالم وتوحِّد نفسك مع شعب الله الفقير والمُحتقر، وأن تخرج خارج المحلة حاملاً عاره، فهذا يُعتبر للمنطق الإنساني والنظرة الطبيعية أنه جهالة. ولكن الإيمان يُجيب: «لم يُظهَر بعد ماذا سنكون». وحكم الإيمان أن خفة ضيقتنا الوقتية تُنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدي. وسيكون للإيمان مكافأته المجيدة. وعندما ينفجر نهار المجد، ويتغير الإيمان الى العيان، ويأتي اليوم العظيم لعُرس الخروف، فإن هؤلاء القديسين الفقراء والمُحتقرين سوف يُظهرون معه ويكونون مثله، كالعروس امرأة الخروف.

هاملتون سميث
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net