الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق السبت 8 مايو 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
السجود والبذل والعطاء
فقال إبراهيم لغلاميه: اجلسا أنتما ههنا مع الحمار، وأما أنا والغلام فنذهب إلى هناك ونسجد، ثم نرجع إليكما ( تك 22: 5 )
إن السجود الحقيقي لا يعني مجرد تقديم بعض كلمات جميلة، أو عبارات منمَّقة، أو ترنيمات شجية، أو ممارسة طقوس معينة، لكن السجود الحقيقي هو أسلوب معيشة، وتوجُّه حياة، ويتضمن كل شيء له مساس بحياتنا الشخصية والبيتية، ويتناول كل تفاصيل الحياة العملية واليومية. كما أن السجود الحقيقي لا يتضمن العبادة العقلية فقط، بل أيضًا تقديم الثمين والغالي للرب، فالعطاء والبذل مرتبطان بالسجود ( عب 13: 16 ).

وفي مشهد تكوين18 سجد إبراهيم للرب، وماذا بعد؟ هل اكتفى بهذا؟ لقد عبَّر عما في قلبه من تعبد وولاء بأن أسرع لاستحضار وتقديم ما يُشبع ويُنعش الرب، وأسرع وأشرك معه سارة وغلامه في خدمة إشباع وإنعاش الرب ( تك 18: 6 - 8). فأصبح بيت إبراهيم كله مشغولاً بإكرام الرب والتعبد والسجود له، وكأن لسان حال إبراهيم «أما أنا وبيتي فنعبد الرب» ( يش 24: 15 ).

وفي مشهد تكوين22 يلزمنا أن نرقب إبراهيم صاعدًا إلى جبل المُريا لكي نتعلم ماذا كان فكره من جهة السجود، وهل كان إبراهيم صاعدًا ليأخذ شيئًا أم ليعطي؟ هل كان صاعدًا ليشاهد ويتكلم، أم كان صاعدًا ليقدم ويضحي؟ لقد كان صاعدًا لكي يقدم أغلى وأفضل ما عنده لله «بالإيمان قدم إبراهيم إسحاق» ( عب 11: 17 ). كان صاعدًا لكي يسكب قلبه وأغلى ما يُحبه القلب أمام الرب، وهذا هو جوهر السجود.

وهل كان ممكنًا لإبراهيم أن يقدم لله أغلى مما قدم؟ لقد كان إبراهيم غنيًا جدًا ( تك 13: 2 ؛ 24، 35)، ولكن ما قيمة بقره وغنمه وفضته وذهَبه، بدون إسحاق، ابنه وحيده، الذي يحبه؟ إذًا، عندما وضع إبراهيم ابنه إسحاق على المذبح ليقدمه محرقة، إنما كان يقدم لله كل شيء، وهذا هو معنى السجود.

ولكن ماذا عن إسحاق؟ لقد كان إسحاق أيضًا صاعدًا ليسجد ( تك 22: 5 )، فماذا قدم إسحاق على جبل المُريا؟ وماذا أعطى؟ لقد كانت الطاعة المُطلقة عميقة في قلب إسحاق، فقدم نفسه لله، في تسليم كامل، وبكل خضوع.

لقد «ذهبا كلاهما معًا» ( تك 22: 6 ، 8)، إبراهيم ليقدم ابنه وحيده الذي يحبه، وإسحاق ليقدم نفسه. فيا لعظمة سجودهما! ويا لروعة ما قدما وبذلا!

فايز فؤاد
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net