إن عطش أحد فليُقبل إليَّ ويشرب. مَنْ آمن بي، كما قال الكتاب، تجري من بطنه أنهار ماء حي ( يو 7: 37 ، 38)
في ذلك اليوم العظيم من العيد أعلن الرب يسوع نفسه كالصخرة التي تفيض بالمياه التي نحتاج إليها، الماء المجاني المُقدم لكل العطاش، فكل مَن يعطش، له أن يأتي ويشرب من الصخرة التي هي المسيح. وكان لا بد من عطية الروح القدس حتى يتسنى للماء أن يفيض فيضانًا فعالاً مؤثرًا كما نقرأ أن «الروح القدس لم يكن قد أُعطي بعد، لأن يسوع لم يكن قد مُجِّد بعد» ( يو 7: 39 ).
أما نحن الآن فنملك الروح القدس، وماذا لنا إذًا بعد إلا أن نأتي إلى يسوع ونشرب منه، وفي الشرب منه سد لكل أعواز النفس ووفاء لحاجتها. ويمكن لغير المؤمن أن يأتي إلى المسيح ويشرب وهكذا ينال حياة تحت تأثير قوة روح الله. إلا أن ذكر الشرب هنا يصدق خصيصًا علينا نحن المؤمنين الذين سبقنا فقبلنا الرب يسوع كحياتنا الأبدية. والسؤال الهام لنا هو: هل نشرب منه كل حين؟ هل تكنُّ قلوبنا شوقًا إلى المجيء إليه لكي يبقى نبع الحياة جديدًا في نفوسنا؟ أم نرضى أن نتشبه بهؤلاء الذين يجتازون برية هذا العالم دون أن يشعروا بالعطش إليه؟
كم من المرات لا تختبر نفس المؤمن الشوق الصادق إلى الوجود في تماس مع الرب يسوع مصدر الماء الحي، وإذا ما صار كذلك جفت النفس وأشبهت النبات الذي يجف من القحط وينتهي بالفناء، وإن حدث ونزل على النبات نقط من الماء الجديد حالاً تبدو عليه دلائل الصحة، ومع المواظبة يستعيد نشاطه الأصلي ونضارته الأولى.
وما يصدق على الجماعة يصدق على كل مؤمن بمفرده. ونحن نحكم على حالتنا وحالة المسيحيين من حولنا بقوة تعطشنا إلى المسيح. نحن لنا الروح القدس، ومن اللحظة التي فيها تتماس مع المصدر تفيض البركة بلا حد، وهذا هو سر الحياة المسيحية العظيم.
ويحدث أحيانًا أن نقرأ كلمة الله فلا نجد فيها لذة ونشعر أنه يعوزنا شيء. وماذا يعوزنا؟ تعوزنا الشركة، يعوزنا التلاصق بمصدر حياتنا؛ شخص الرب يسوع المسيح حتى نقبل رسالة حية عن أفكاره.
قد نئن أنينًا من جراء حالتنا ولكن الأنين وحده لا يغني، فالعطش هو العطش إلى المسيح، المسيح نفسه لا ما يخصه.