الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 15 أغسطس 2010 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
إكمال رحلة الألم
فلما أخذ يسوع الخل قال: قد أُكمل. ونكَّس رأسه وأسلم الروح ( يو 19: 30 )
«قد أُكمل» .. ما أعظم صرخة المسيح هذه! إنها تعني أن المسيح لم يُنهِ فقط مسيرة الاتضاع والفقر، بل أنهى أيضًا طريق الألم. فليس فقط أنه كان يقصد بعبارته هذه إكمال العمل، بل إنه أكمل أيضًا رحلة الألم.

من البداية، كان ـ له المجد ـ يقول: «لي صبغة أصطبغها (مُشيرًا إلى آلام الصليب التي ستتخلل كل نفسه)، وكيف أنحصر حتى تُكمَل؟ (أو وكم أنا محصور حتى تُكمَل)» ( لو 12: 50 ). وما كان أقسى الآلام التي تعيَّن على ابن الله أن يحتملها لأجل خلاصنا. إنها الآلام التي كنا نستحقها نحن عدلاً أجرة لآثامنا وخطايانا، حَمَلها هو بالنعمة نيابةً عنا، لأنه لاق بذاك (أي الله) الذي من أجله الكل وبه الكل، أن يُكمِّل رئيس خلاصنا بالآلام، كي ما يأتي بنا الله أبناء كثيرين إلى المجد ( عب 2: 10 ).

والمسيح لم يتألم نوعًا واحدًا من الآلام، بل تألم ظلمًا وغدرًا على أيدي البشر، وتألم حقدًا وعدوانًا على يد الشيطان، كما تألم عدلاً وبرًا على يد الله. لكنه إذ احتمل كل هذه الآلام، صار لجميع الذين يطيعونه سبب خلاص أبدي ( عب 5: 9 ). ولهذا جاءت صرخة المسيح «قد أُكمل» مُعلنةً أنه احتمل الألم كله. لقد أكمل طريق الألم، وشرب كأس الغضب حتى آخرها، من ثم قال: «قد أُكمل».

ولقد كانت هذه الصرخة فعلاً نهاية لرحلة الألم والمُعاناة، فلم يُترك جسده بعدها نَهبًا للجوارح لتنقَّض عليه، ولا نهبًا للعيون الفاسقة لتتفرس فيه. ولم تُكسر ساقاه كما حدث مع المصلوبين الآخرين المصلوبين معه، ولم يُدفن مع الأشرار كما خططوا له وكما كان مُتوقعًا. نعم إنها صرخة أنهَت كل المُعاناة والألم بالنسبة لسيدنا، لتبدأ مسيرة الإكرام والتقدير. فتمَّ فيه وعد الرب للتقي «يحفظ جميع عظامه، واحدٌ منها لا ينكسر» ( مز 34: 20 )، كما تمت فيه النبوة أنه سيُدفن «مع غنيٍ عند موته» وذلك لأنه «لم يعمل ظلمًا ولم يكن في فمه غش» ( إش 53: 9 )، كما تمت فيه أيضًا النبوة: «لن تترك نفسي في الهاوية. لن تَدَع تقيك يرى فسادًا. تُعرفني سبيل الحياة. أمامك شبع سرور. في يمينك نعمٌ إلى الأبد» ( مز 16: 10 ، 11). وليس هذا بغريب، لأنه إن كان الله قد تمجد فيه (بموته الكفاري على الصليب) فكان حتمًا أن يمجده الله في ذاته، ويمجده سريعًا ( يو 13: 32 ).

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net