الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 25 نوفمبر 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صِقلغ تحترق
ولما جاء داود ورجاله إلى صِقلغ في اليوم الثالث، كان العمالقة قد غزوا الجنوب وصِقلغ، وضربوا صِقلغ وأحرقوها بالنار ( 1صم 30: 1 )
تغرَّب داود في أرض الفلسطينيين ستة عشر شهرًا، كان فيها بعيدًا عن الله وعن إسرائيل. واستمر في وضعه الخاطئ حتى إنه كان مستعدًا أن يحارب مع الفلسطينيين ضد شعب الله! لكن الله في رحمته استخدم قادة الفلسطينيين لينقذ داود من وضعه الغريب، فهم بخبرتهم السابقة عن داود، حكموا أنه لا يمكن أن يكون حليفهم. ”أَ ليس هذا داود؟ فكيف نثق فيه؟“. إن أهل هذا العالم لا يمكنهم إطلاقًا أن يضعوا كل ثقتهم في شخص وقف مرة في صف حق الله. والمؤمن الذي يخرج عن قوة الشركة مع الله ويرجع إلى العالم، مهما انحدر في السقوط إلى أبعد حد، لا يمكن للناس أن يثقوا به أو يعتبروه واحدًا منهم، بل يشكّوا فيه كما شك الفلسطينيون في داود «أرجِع الرجل فيرجع إلى موضعه الذي عيَّنت له، ولا ينزل معنا إلى الحرب، ولا يكون لنا عدوًا في الحرب» ( 1صم 29: 4 ).

قد يعطي الفلسطينيون لداود مكانًا بينهم، لكن حين تنشأ حرب بينهم وبين إسرائيل، فهم عندئذٍ لا يعرفوه. وقد كانوا حكماء في ذلك، لأن داود مهما بدّل من شكله لا يستطيع إلا أن يكون للفلسطينيين عدوًا. قد يمثِّل دور المجنون ( 1صم 21: 10 - 15)، أو يدَّعي أنه غزا على جنوبي يهوذا ( 1صم 27: 9 - 12)، ولكن عندما تأخذ الأمور الشكل الإيجابي، عندها يتصرف داود بما يتوافق مع شخصيته الحقيقية كقاتل الربوات من الفلسطينيين.

على أن الله لم يسمح بظهور داود في الحرب ضد إسرائيل، بل أرجعه أو بالحري نحَّاه جانبًا ليتسنى له أن يتعامل معه على انفراد «ولما جاء داود ورجاله إلى صِقلَغ ..، كان العمالقة قد غزوا الجنوب وصِقلغ، وضربوا صِقلغ وأحرقوها بالنار، وسبوا النساء اللواتي فيها. لم يقتلوا أحدًا لا صغيرًا ولا كبيرًا، بل ساقوهم ومضوا في طريقهم» ( 1صم 30: 1 ، 2). وهنا بدأ داود يذوق مرارة طلبه مساعدة أخيش في يوم حاجته. لقد اتخذ مكانه بين الغُلف، لذلك تحتم عليه أن يشاركهم أيضًا في مصائبهم وخسائرهم. ولو كان قد ظلَّ في جبال يهوذا، لما تعرَّض لهذه الأحزان المريرة. لكنه هرب إلى صِقلغ ليتجنب شاول. وكانت النتيجة المُرّة أنه بينما كان شاول يسقط على جبل جلبوع، كان داود يبكي على أطلال صِقلغ. في كل هذا كان الله يتعامل مع فتاه العزيز، ليس ليسحقه بل ليرُّد نفسه، وليُشعره بنتائج الطريق الذي سلكه وسط الفلسطينيين.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net