الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 27 نوفمبر 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لماذا تركتني؟
ومن الساعة السادسة كانت ظلمة على كل الأرض .. ونحو الساعة التاسعة صرخ يسوع .. قائلاً: إيلي إيلي لَما شبقتني؟ أي إلهي إلهي، لماذا تركتني؟ ( مت 27: 45 ، 46)
دعنا في روح الخشوع، وبنعال مخلوعة، نميل مرة أخرى لننظر هذا المنظر العظيم! لقد كان المسيح على طول الطريق هو رجل الأحزان الحقيقي. لقد تألم في طفولته من الإنسان مُمثلاً في هيرودس قاتل صبيان بيت لحم، فاضطر أن يهرب به يوسف وأمه إلى مصر. وتألم0 في بداية خدمته من الشيطان عندما اقتاده الروح إلى البرية ليُجرَّب أربعين يومًا من إبليس. أما في ساعات الظلمة في الجلجثة فنرى شيئًا مختلفًا تمامًا؛ إنه كان يتألم من الله الديان. وما أشد تلك الآلام. إنها أشد بما لا يُقاس من كل الآلام الجسدية، وأقسى بكثير من كل الآلام النفسية. حتى إنه أمامها؛ وأمام حمو غضب إله السماء الذي انصب عليه، فقد صرخ صرخته المُرَّة «إلهي إلهي لماذا تركتني؟» لقد كان المسيح على الصليب حامل الخطايا بكل معنى الكلمة، وفي تلك الأثناء كان حقًا وفعلاً يُصْلَى بنار ويجرع المرار.

هنا نحن نجد المعنى الحقيقي للفداء. إن أفكار الناس من كل الأجناس، وقلوب الملايين من كل القبائل والعشائر ترنو لذياك الصليب، وتميل لتنظر هذا المنظر المهيب. نعم «نحو الساعة التاسعة (وهي تعادل الثالثة بعد الظهر بتوقيتنا الحاضر) صرخ يسوع بصوتٍ عظيم قائلاً: إيلي إيلي لَما شبقتني؟ أي إلهي إلهي لماذا تركتني؟». أي ذهن يقدر أن يسبر غور أعجوبة الأعاجيب هذه؟ أي فكر يقدر أن يتخلل أستار الظلام هذه؟ أي عقل يقدر أن يفسر تلك الصرخة التي لم يُسمع نظيرها ولن يُسمع؟

ولقد تحمل المسيح كل هذا من أجلنا. فإذا أردنا أن نعرف علو محبة المسيح تجاهنا، فعلينا أولاً أن نعرف عُمق الألم الذي قاساه لأجلنا. والواقع أن كليهما أبعد من القياس؛ فآلامه تفوق الإدراك، ومحبته فائقة المعرفة.

ولا أعتقد أنه في الزمان أو في الأبدية هناك صرخة تحوي من الألم والفزع ما تحويه صرخة المسيح هنا «إلهي إلهي لماذا تركتني؟» لكني أعلم أيضًا أنه عندما يستحيل على عقولنا أن تفهم أو تستوعب، فإن قلوبنا بوسعها أن تسجد في خشوع وتعجب.

جازت عليهِ اللُّججُ وكلُّ تيارِ الغضَبْ
أمواجُ عدلٍ مُرهِبٍ وكأسَ حُكمنا شَربْ

يوسف رياض
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net