الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 17 إبريل 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
محبة غير متغيرة
أما يسوع .. وهو عالم أن ساعته قد جاءت .. إذ كان قد أحب خاصته الذين في العالم، أحبهم إلى المنتهى ( يو 13: 1 )
إن محبة الرب لا يمكن أن يعتريها أي تبديل مهما تغيَّرت الأحوال وتبدلت الظروف. إن الرب ـ تبارك اسمه ـ في أحلك ظروف حياته، وهو عالم بكل ما سيأتي عليه من دينونة مُرعبة ستقع عليه من يد الله، ومن فعل خسيس من تلميذ خائن، ومن نُكران مُخجل من تلميذ واثق في ذاته، ومن هروب مُخزي من كل تلاميذه، وهو يعلم بكل هذا، لم تفتر محبته، بل لم تتغير محبته لخاصته قيد شعرة.

نعم لم تتغير محبته لخاصته رغم الظروف العصيبة المزمعة أن تعصف به. فمَن ذا الذي يستطيع أن يعي هول الدينونة التي كانت ستنصب على رأسه الجليل، عندما تم القول: «استيقظ يا سيف على راعيَّ، وعلى رجل رفقتي، يقول رب الجنود. اضرب الراعي فتتشتت الغنم، وأرُّد يدي على الصغار» ( زك 13: 7 ).

ومَنْ ذا الذي يستطيع أن يدرك ما سيلحَق بمشاعره الرقيقة من أذى إزاء فعل خسيس ودنيء من ذلك الذي أشار الرب إليه في قوله بروح النبوة: «رجل سلامتي، ... آكِل خبزي، رَفع عليَّ عقبه!» ( مز 41: 9 ).

ومَنْ يستطيع أن يدرك تلك اللطخة السوداء التي صبغها ذلك التلميذ العاثر، عندما أعلن بلعنٍ وحلفٍ أنه لا يعرف هذا الرجل، وهو بذلك حقق كلمات الرب الأسيفة عنه: «إنك في هذه الليلة قبل أن يصيح ديكٌ تُنكرني ثلاث مراتٍ» ( مت 26: 34 ).

ومَن يستطيع أن يدرك كَمّ الألم الذي سيعانيه عندما يتخلى عنه الكل ويلوذوا جميعًا بالفرار ( مت 26: 56 )، ليصبح هو ـ تبارك اسمه ـ « الحمامة البكماء بين الغرباء» (عنوان مزمور56)، و«كعصفورٍ منفردٍ على السطح» ( مز 102: 7 ).

نعم إنه كان يعلم بكل ما سيأتي عليه، ومع ذلك محبته لم تتغير ولم تفتر على الإطلاق. إذ نجده ـ رغم السحب الكثيفة الداكنة التي أحاطت به ـ يحرص جدًا على سلامة وأمن تلاميذه، فنسمعه يقول للذين جاءوا للقبض عليه: «فإن كنتم تطلبونني فدعوا هؤلاء يذهبون!» ( يو 18: 4 ، 8). يا لروعة محبته غير المتغيرة لتلاميذه! ويا لجمال محبته نحو خاصته! فلا يوجد شيء أيًا كان يمكنه أن يحول دون سريان تلك المحبة الفائضة من نحو مَنْ خصَّهم بعنايته ورعايته واهتمامه. لقد أحب ويحب وسيحب خاصته الذين في العالم إلى المنتهى. فما أعجب هذه المحبة حقًا!

عاطف إبراهيم
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net