الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 26 أغسطس 2011 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
داود يتشدد بالرب
فتضايق داود جدًا لأن الشعب قالوا برجمه، لأن أنفس جميع الشعب كانت مُرّة كل واحدٍ على بنيه وبناته. وأما داود فتشدد بالرب إلهه ( 1صم 30: 6 )
لا شك أن داود حين تطلع إلى حريق صقلغ، وشعر بأنه محروم من زوجاته وأولاده ومن كل شيء. كان هذا له درسًا عمليًا علَّمه مدى الخطأ الكامن في أخذ أي شيء من العالم.

إننا من الصعب أن نتخيَّل حالة أشد ألمًا من حالة داود لدى رجوعه إلى صِقلغ. كانت له سنة وأربعة أشهر يتبع مسلَكًا سبَّب له بكل تأكيد ضميرًا غير مستريح من نحو الله. والآن طرده أولئك الذين ألقى بنفسه بينهم طلبًا لحمايتهم. وها هو يرى صِقلغ الملجأ الذي التجأ إليه محروقة بالنار وامرأتيه وكل ما له في السبي. وأخيرًا رفقاؤه الذين تبعوه في كل مراحل هروبه، هم الآن يهددون برجمه.

لقد غاص داود إلى القاع من كل جانب، وجفت كل الموارد البشرية، وليس ذلك فقط، بل أن العدو أيضًا غالبًا ما يوجّه سهامه المُلتهبة بفاعلية في هذه اللحظة، والضمير يستيقظ، والذاكرة تسترجع جميع حوادث الماضي، كيف ترك مكان الاعتماد الحقيقي على الله، وفرّ إلى أخيش، تغييره لعقله وتظاهره بالجنون، كذبه، تطوعه للذهاب لمحاربة إسرائيل كعبد للفلسطينيين. كل هذا لا شك ضاعف من ضيقه النفسي.

وكان داود هو رجل الإيمان رغم كل شيء. لقد عرف الرب وعرف مخازن نعمته التي لا تُحدّ. وكانت هذه المعرفة هي مصدر فرحه وتعزيته في هذه اللحظة العصيبة. ولولا قدرته على دحرجة حِمله بالكامل على النعمة غير المحدودة، لكان قد استسلم ليأس قاتل، لأنه في كل حياته لم يُجرَّب بمثل هذه التجربة. صحيح أنه قابل الأسد والدب في البرية، كما قابل جبار جت في وادي البُطم، ولكن لم يسبق له أن قابل مثل هذه المجموعة القاسية من الظروف المُضادة. لكن الله كان كافيًا، وَعَرَف داود ذلك، فاستند إلى نعمة الله، ولذلك قال الوحي: «أما داود فتشدد بالرب إلهه» ويا له من تشجيع رائع وراسخ الأساس. طوبى للنفس التي عرفته، وطوبى للشخص الذي يستطيع أن ينهض من عُمق أعماق الشقاء الإنساني ليصل إلى الله وإلى موارده التي لا تنضب.

إن الإيمان وحده يعرف أن الكفاية في الله الكفيل بسد كل احتياج الإنسان، وعجز الإنسان، وفشل الإنسان، وخطية الإنسان. فالله فوق الكل ووراء الكل وفي الكل. والقلب الذي يدركه حتمًا سيرتفع فوق كل تجارب ومصاعب الطريق.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net