الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأربعاء 29 أغسطس 2012 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
الابن الأصغر
الْتَصَقَ بِوَاحِدٍ .. فَأَرْسَلَهُ ..لِيَرْعَى خَنَازِيرَ. وَكَاَنَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلَأ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرنُوبَ الَّذِي كَاَنتِ الخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ ( لو 15: 15 ، 16)
يا لها من حالة تعيسة قد وصل إليها ذلك المسكين، فقد تقدَّم من رديء إلى أردأ! وهذا شأن كل نفس ضالة، فإنها في بُعدها عن الله تزداد تعاسة واستعبادًا للإثم والفساد. وإني أرى في تصرف صاحب الخنازير صورة مُصغرة لِما يعمله الشيطان مع جميع الخطاة. فكما استخدم صاحب الخنازير ذلك الابن العاق في رعاية خنازيره ولم يُعطهِ أجرًا، إذ كان يشتهي أن يملأ بطنه من الخرنوب الذي كانت الخنازير تأكله، هكذا يعمل الشيطان مع كل النفوس التي أسرها، فإنه يستخدمها في الشرور والخطايا ولا يعطيها أجرًا على هذه الخدمات الشاقة المُزرية. إنه يلعب بعقول البشر، ويسوقهم إلى ارتكاب الشرور والآثام.  وما أسوأ الأجرة التي يتناولونها، فإنهم يحصدون أتعابًا ونكبات متعددة في الحياة «كثيرة هي نكبات الشرير» ( مز 32: 10 )، وأخيرًا يُطرحون في البحيرة المتقدة بالنار والكبريت.

ما أردأ وأسوأ حالة ذلك الابن الشقي وهو يرعى الخنازير! حقًا لقد كان فقيرًا مُعدَمًا وبائسًا شقيًا، كان يشتهي طعام الخنازير فلم يجده حتى كاد يهلك جوعًا. وما كان أردأ منظره بثيابه الرثة وهو يرعى الخنازير في وسط الأوحال والمستنقعات! وإني أؤكد للقارئ العزيز أن هذه الحالة التي تجزع منها النفس وتشمئز، ما هي إلا صورة مُصغَّرة لحالته إن كان لا يزال بعيدًا عن الله. قد يكون أدبيًا مُهذبًا، وله مركز ممتاز في وسط الهيئة الاجتماعية ربما يحسده عليه الكثيرون، ولكنه إن كان لم يَزَل بعيدًا عن الله «في تلك الكورة البعيدة» فهذه صورته أمام الله. إنه نجس، نجس كذلك الذي كان يرعى الخنازير النجسة في وسط المستنقعات «بائس وفقير وعريان».

ولكن يا لروعة نعمة الله الغنية وسمو محبته القوية، التي استطاعت أن تنتشل ذلك المسكين من تلك الهوة السحيقة، وترفعه إلى مركز سامٍ لم يكن يخطر له ببال! فإنه بعد أن كاد يموت جوعًا، رجع إلى نفسه؛ أي حين رجوعه كان طائشًا وفاقدًا لرُشده. والحقيقة أن هذه حالة غير الراجعين إلى الله، ولا سيما الشبان المنغمسين في شرورهم، المستهترين في فجورهم، فهم كذلك المجنون الذي كان يصيح دائمًا ويجرِّح نفسه، ولا يلبس ثوبًا، ولا يقيم في بيت، بل كان مسكنه في القبور. أما بعد أن رحمه الرب، فقد أصبح جالسًا ولابسًا وعاقلاً ( مر 5: 1 - 5).

وليم كلي
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net