الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 8 ديسمبر 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
لِدينونة أتيتُ أنا
فَقَالَ يَسُوعُ: لِدَيْنُونَةٍ أَتَيْتُ أَنَا إِلَى هَذَا الْعَالَمِ، حَتَّى يُبْصِرَ الَّذِينَ لاَ يُبْصِرُونَ وَيَعْمَى الَّذِينَ يُبْصِرُونَ ( يوحنا 9: 39 )
هذا أمر خطير! «لدينونة أتيت أنا إلى هذا العالم» كيف يكون هذا؟! أَ لم يأتِ المسيح لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك؟ أَ لم يَقُل لنا ذلك مرارًا؟ فلماذا يتكلَّم عن الدينونة هنا؟

معنى ذلك هو أن الغرض من إرسالية المسيح كان الخلاص، ولكن النتيجة الأدبية لحياته كانت الدينونة. فهو شخصيًا لم يُدِن أحدًا، ولكن حياته قد دَانت الجميع، لأنها كانت أعظم امتحان قُدِّم للإنسان. لذلك يقول بحق: «لو لم أكُن قد جئتُ وكلَّمتهم، لم تكن لهم خطية، وأما الآن فليس لهم عُذر في خطيتهم ... لو لم أكن قد عملت بينهم أعمالاً لم يعملها أحدٌ غيري، لم تكن لهم خطية، وأما الآن فقد رأوا وأبغضوني أنا وأبي» ( يو 15: 22 -24).

يجمُل بنا أن نلاحظ هذه النتيجة التي أحدثتها حياة المسيح في هذا العالم، فقد كان هو نور العالم، وذلك النور له عمل مزدوج؛ فقد دان وخلَّص. من الجهة الواحدة قد أعمى بلمعانه الباهر الذين ظنوا أنفسهم مُبصِرين، ومن الجهة الأخرى أنار عيون أولئك الذين شعروا حقيقةً بعمَاهم الروحي والأدبي. لقد كان غرضه من المجيء لا أن يدين بل أن يُخلِّص، ولكنه عند مجيئه قد دان كل إنسان وكشف حالته. كان ظاهرًا أنه يختلف عن جميع الذين حوله كما يختلف النور عن الظلمة، وفي الوقت نفسه قد خلَّص جميع الذين عرفوا حقيقة حالهم وأخذوا مركزهم الصحيح.

وتبدو لنا هذه الحالة عندما نتأمل في صليب ربنا يسوع المسيح. إننا إذا نظرنا إلى الصليب من الوجهة الإنسانية نراه يُمثل صورة الضعف والجهالة، لكن إذا نظرنا إليه من الوجهة الإلهية نراه يُمثل قوة الله وحكمته ( 1كو 1: 18 ، 23، 24). فاليهود إذ نظروا إلى الصليب من خلال غياهب الديانة التقليدية، عثروا فيه، واليونانيون إذ نظروا إليه من أعالي فلسفتهم الموهومة، احتقروه وازدروا به. أما الخاطئ المسكين إذ ينظر إليه بعين الإيمان وهو مقتنع بذنبه وخرابه، يرى فيه الحل الإلهي لكل المسائل، والكنز الإلهي لسد جميع الأعواز. فموت المسيح (نظير حياته)، قد دان كل إنسان من الجهة الواحدة، ويُخلِّص كل مَنْ يقبل تلك الدينونة، ويقتنع بحقيقة حاله من الجهة الأخرى.

لا شيءَ من دينونةٍ إذًا على الذين فيكْ
إذ كلَّ دينونتنا قد وقعت فعلاً عليكْ

بللت
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net