الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الثلاثاء 26 فبراير 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
صيحة الرجاء فوق جبل المُرّ
أَمَّا أَنَا..عَلِمْتُ أَنَّ وَلِيِّي حَيٌّ، وَالآخِرَ عَلَى الأَرْضِ يَقُومُ، وَبَعْدَ أَنْ يُفْنَى جِلْدِي..وَبِدُونِ جَسَدِي أَرَى اللهَ ( أيوب 19: 25 ، 26)
ضُرب أيوب في جسده بمرض رديء أضاف إلى أحزانه وأوجاعه ألمًا ليس بقليل. أما الرب فبارك آخرة أيوب أكثر من أولاه، فختم على أتعابه بالتعويض والشفاء. ولا شك أن أيوب في قلب تجربته التمس من الرب الشفاء، لكن ما جعله يحتمل التجربة بصبر هو قوة الرجاء، التي جعلت أيوب ينظر لكل شيء في ضوء الأبدية.

منظار الرجاء ساعد أيوب أن يرى النهاية المضيئة، وهو لم يَزَل في قلب النفق المظلم، فتشدد في وسط بليته وعبَّر في لهفة عن أُمنيته قائلاً: «ليت كلماتي الآن تُكتَب. يا ليتها رُسِمَت في سفر، ونُقرت إلى الأبد في الصخر بقلم حديد وبرصاص». ما الذي يريد أيوب أن يُخلده؟ إنه إعلان اشتهى أن يبقى طول الزمان ليقرأه كل تقي يعاني من آلام، فيبُث في قلبه إيمانًا: «أما أنا فقد علمت أن وليي حي، والآخِر على الأرض يقوم، وبعد أن يفنى جلدي هذا، وبدون جسدي أرى الله. الذي أراه أنا لنفسي، وعيناني تنظران وليس آخر. إلى ذلك تتوق كُليتاي في جوفي» ( أي 19: 23 -27).

صاحَ تلك الصيحة المُعطَّرة بالرجاء فوق مرتفعات الألم، وهو يُمسك بمنظار الإيمان المُعظَّم الذي استطاع به أن يرى ما لا يُرى. رأى أيوب أن جسده العليل ليس سوى خيمة سوف تُطوى وبعدها سيطير ويرى بأم عينيه وَلِيِّه الحيّ الذي ارتبط به. فتوَّلَد في أعماقه شوق وحنين إلى تلك الحالة المجيدة التي مسَّت شغاف قلبه وأسرَت أفكاره ومشاعره، فسكَّنت آلامه، بل جعلته ينسى الزمان والمكان، ويخرج من دائرة الألم والأحزان، ويعيش جو الأبدية وهو في قلب التجربة.

عزيزي: إن كنت تعاني من مرض شديد، أو تتألم من جرى بلوى مُحرقة، فلا أندهش إن رأيتك باكيًا ومتحيرًا. حتى إن كنت لم أتجرع من ذات الكأس التي تشربها، وسمعت آهات نفسك المنحنية ربما توجعني جدران قلبي فأبكي راثياً حالك. لكن الذي أعلمه على وجه اليقين، وأختبره من حين إلى حين، أن صديقنا السَّماوي العظيم والرقيق؛ ربنا الرحيم يقدر أن يُعين المجربين «لأنه في ما هو قد تألم مُجرَّبًا يقدر أن يُعين المُجرَّبين» ( عب 2: 18 ). وأحد صور المعونة الإلهية أنه يأخذ بأبصارنا إلى مناظر المجد الأبدي.

أيمن يوسف
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net