الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الأحد 7 إبريل 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
التركْ الرهيب
كُلُّ الَّذِينَ يَرُونَنِي يَسْتَهْزِئُونَ بِي. يَفْغَرُونَ الشِّفَاهَ، وَيُنْغِضُونَ الرَّأْسَ ( مزمور 22: 7 )
إنه لأمر كئيب ومُقبض للنفس أن يكون الإنسان عند احتضاره وحيدًا على فراش الموت، متروكًا من أصدقائه وأقربائه حيث لا يُسمع صوت تعزية أو صلاة لأجله، ولا يجد بالقرب منه عينًا مُحِّبة تحنو وتعطف عليه، أو يدًا حانية تلبي حاجته الأخيرة، وتُجفف العرق البارد من على جبينه، وتُغلق عينيه بعد موته!

لقد كانت هذه الوحدة نصيب بعض عظماء هذا العالم. ومن هؤلاء العظماء ”وليم بايت“ السياسي المشهور حيث أرسل أحد جيرانه شخصًا ليسأل عن حاله. وقد وجد هذا الشخص بوابة القصر مفتوحة على مصراعيها بينما كان البيت مهجورًا، وسكون الموت يُخيِّم عليه. وقد انتقل الزائر من حجرة إلى حجرة إلى أن وصل أخيرًا إلى غرفة الموت حيث كان جسد الوزير المشهور مُسجى على الفراش. وقد كان هو الساكن الوحيد للقصر العظيم الذي كان قبل أيام قليلة من موته يموج بأعداد غفيرة من المُنافقين والباحثين عن وظائف، وطالبي العفو.

لكن الأكثر كآبة وحزنًا أن يُحاط الشخص المُحتضر بألد أعدائه وكل واحد منهم يعمل كل ما عنده ليزيد من مرارة اللحظات الأخيرة للشخص المُحتضر بالتعييرات والشتائم والإهانات مما يزيد من كَربه وآلام احتضاره بأقسى الوسائل! ولا شك أن مثل هذه الحالة لا تحدث أبدًا في الممالك المتحضرة حتى بالنسبة لأعظم المجرمين، حيث إنه قبل تنفيذ حكم الإعدام في المجرم يُعامَل بكل لطف ممكن مع الاهتمام بتلبية رغباته الأخيرة.

لكن أَ لم تحدث مثل هذه الحالة عند صليب ابن الله - رب المجد - اجتمع هناك رؤساء وجنود أعظم ممالك العالم حينئذٍ، مع أعظم الرؤساء الدينيين لتلك الأمة التي كانت تُسمي نفسها ”شعب الله“؟ وكآلات في يد رئيس هذا العالم، أظهروا كل شر وعداوة قلوبهم ضد ابن الله، الذي وضع الله عليه إثم جميعنا، وقدَّمه كفارة لأجل الجميع، حتى يمكن لكل مَنْ يؤمن به أن ”يُشفَى بِحُبُرِهِ“. نعم لقد كان هناك – تبارك اسمه – ”متروكًا“ بكل ما تحمله الكلمة من معاني مُرعبة وذلك حتى لا نجتاز أنت وأنا أيها القارئ المؤمن في هذا الاختبار المرير. لقد تُرك – له المجد – من كل خاصته، وأكثر رعبًا من ذلك، أنه تُرك من الله. لكنه لم يكن متروكًا فقط، بل أحاط به ”أقوياء باشان ... وفَغَروا عليه أفواههم كأسدٍ مُزمجر ... وأحاطت به كلابٌ. جماعةٌ من الأشرار اكتنفته“.

فون بوسك
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net