الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الجمعة 23 أغسطس 2013 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
حاسيات الندم والرجوع
فَالْتَفَتَ الرَّبُّ وَنَظَرَ إِلَى بُطْرُسَ، فَتَذَكَّرَ بُطْرُسُ كَلاَمَ الرَّبِّ ... فَخَرَجَ بُطْرُسُ إِلَى خَارِجٍ وَبَكَى بُكَاءً مُرًّا ( لوقا 22: 61 ، 62)
«التفت الرب»، «تذكَّر بطرس»، «بكى بطرس بُكاءً مُرًا». يا لها من نظرة! ويا له من تذكُّر! ويا له من بكاء! أين ذلك القلب البشري الذي يستطيع أن يُدرك، واللسان الذي يُعبٍّر، والقلم الذي يُصوِّر كل ما هو مكنون في تلك النظرة الواحدة؟ إننا نعتقد تمام الاعتقاد أنها ذهبت توًا إلى أعماق قلب بطرس، وهو سوف لا ينسى مطلقًا تلك النظرة العجيبة الملأى بالقوة الأدبية المجيدة، القوة التي تخترق أعماق القلب، وتُذيبه ذوبانًا، وتجعل النفس تنحني أمامها خضوعًا وإجلالاً.

«خرج بطرس إلى خارج وبكى بكاءً مُرًا»، وهنا كانت نقطة الرجوع، فكل ما سبقها كان في اتجاه الانحدار المُظلم، وعند وصول النفس إلى هذه النقطة يُشرق النور الإلهي فيكسح الظلام الحالك الذي كانت تتخبَّط فيه. نرى هنا أيضًا طِلبة الرب يسوع تنال جوابها ( لو 22: 32 )، ونظرته القوية تعمل عملها، فالقلب ينكسر، ودموع التوبة تسيل بغزارة دالة على عُمق وحقيقة العمل الداخلي وشدته. وهذا ما يجب أن يكون، لا بل هو الكائن فعلاً عندما يعمل روح الله في النفس. فإذا أخطأنا وَجَب علينا أن نشعر بخطيتنا ونحكم عليها حُكمًا كاملاً، ونعترف بها اعترافًا كُليًا. فلا يكفي أن نقول بخِفَّة واستهانة وبشكل صوري محض: ”قد أخطأت“، فالله يريد صِدقًا في الداخل. ولم يكن هناك أية خِفَّة أو تصنُّع، مع الرسول المحبوب في ساعة توبته، ولكن كل شيء كان حقيقيًا ومن الأعماق، وما كان ممكنًا أن يكون خلاف هذا، فطلبة الرب ونظرته كان لهما نتائجهما الثمينة في رجوع بطرس.

ونلاحظ أن طلبة ربنا يسوع المسيح ونظرته، تَصِفان أمامنا - بطريقة مؤثرة وجميلة - الخاصتين الهامتين لخدمة المسيح في الوقت الحاضر كشفيعنا لدى الآب، وأيضًا قوة وكفاية كلمته المُودَعة بين يدي الروح القدس ”الشفيع الآخر“. فطلبة المسيح لأجل بطرس تمثل شفاعته لأجلنا، كما أن نظرته إلى بطرس تمثل كلمته التي تدخل إلى أعماقنا بقوة الروح القدس. فإذا أخطأ أحد (كما نفعل بالأسف) إما بالفكر أو بالعمل، يتقدم شفيعنا المُبارَك المعبود ليتكلَّم بالنيابة عنا أمام الله. وهذا ما يولِّد فينا حاسيات الندم والرجوع، ولكنه أيضًا يتكلَّم معنا بالنيابة عن الله، وفي ذلك توجد الواسطة التي تُنتج رجوعنا.

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net