الصفحة الرئيسية فهرس الشواهد الكتابية مواقع أخرى إبحث في المقالات إبحث في الكتاب المقدس إتصل بنا
  مقالة اليوم السابق الخميس 27 نوفمبر 2014 مقالة اليوم التالي
 
تصفح مقالات سابقة    
هامان ومردخاي
فَكَانَ..عَبِيدِ الْمَلِكِ الَّذِينَ بِبَابِ الْمَلِكِ يَجْثُونَ .. لِهَامَانَ.. وَأَمَّا مُرْدَخَايُ فَلَمْ يَجْثُ ( أستير 3: 2 )
لنسأل ما السبب الذي حَمْل مردخاي أن يأبى السجود لهامان؟ أمَا كان يُحسَب منه هذا عنادًا أعمى في رفضه تقديم الكرامة المطلوبة لأكبر شريف وأسمى موظف. إن رفضه لم يكن عنادًا. صحيح أن هامان أسمى موظف في بلاط أحشويرش، ولكنه كان أعظم عدو للرب وعدو لليهود. وقد كان من نسل عماليق الذي قيل عنه: «للربِ حربٌ مع عماليق من دورٍ إلى دور» ( خر 17: 16 ). فكيف يستطيع ابن حقيقي لإبراهيم أن يسجد لإنسان، هو ويهوه في حرب عوان. هيهات هيهات، فقد ساغ لمردخاي أن يُخلِّص حياة أحشويرش، إلا أنه لا يسجد للعماليقي، وكيهودي أمين صار قريبًا من إله آبائه، ولم يقبل أن يقدِّم التحية والإجلال لنسل عماليق.

هذا هو السر في رفض مردخاي السجود لهامان رفضًا باتًا، فلم يكن رفضه ثمرة تعصبه الأعمى، ولا عن كبرياء وتشامخ، ولكن عن إيمان ثابت جميل، ناشئ من شركة سامية مع إله إبراهيم وإسحاق ويعقوب، وها هو لا يُفرِّط في مجد إسرائيل الله. وفي قوة إيمانه استطاع أن يقف تحت راية يهوه ثابتًا، وفي ثباته هذا أبَت نفسه السجود لعماليق. ومع أن الشعب كان مشتتًا، وبيتهم الجميل خَرِبًا، وقد رحلَ عن أورشليم مجدها القديم، غير أن الإيمان لا يترك مركزه السامي المُعيَّن في مشورات الله لشعبه. إن الإيمان يعترف بالخراب ويسير متمهلاً، ومع كل شيء يتمسك بوعد الله ويشغل المستوى السامي الذي أعطاه الوعد لكل مؤمن به. لقد شعر مردخاي شعورًا عميقًا بالخراب، فجلس في المسوح، ولكنه لم يسجد لعماليق.

وماذا كانت العاقبة؟ تحوَّلت المسوح إلى ثياب ملوكية، وانتقل من جلوسه على باب الملك إلى جلوسه قريبًا من العرش، متحققًا من اختباره الثمين صِدق الوعد القديم بأن إسرائيل يكون رأسًا لا ذنبًا ( تث 28: 13 ). والطبيعة قد تقول لماذا لا تخفض من مقياس عملك وفقًا لظروفك؟ لماذا لا تتناسب مع حالتك الروحية؟ أمَا كان خيرًا لك وأجدى أن تقرّ بعماليق، وقد رأيته في مركز السلطان والقوة؟ هذه هي لغة الطبيعة، أما جواب الإيمان البسيط: «للرب حربٌ مع عماليق من دورٍ إلى دور»، وهذا هو الحال دائمًا. الإيمان يتمسك بالله الحي وكلمته الأزلية، ويثبت في السلام مترفعًا في سيره ترفعًا مقدسًا.

سيدي علِّمني كيفَ أسكبُ النفسَ لديكْ
واثقًا أن الأمورَ دائمًا بين يديكْ

ماكنتوش
Share
مقال اليوم السابق مقال اليوم التالي
إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات يمكنك مراسلتنا على العنوان التالي WebMaster@taam.net